ثم إن اطلاق الأخبار حاكم على أصالة الصحة في قول المغتاب بناء على جريانها وعلى الاستصحاب لو كان جريانه مقتضيا لجواز الغيبة. (نعم) يمكن أن يفرق بين المتجاهر بالفسق وغيره بأن يقال: إن لسان أدلة تجويز غيبته نفي الموضوع و هو حاكم على أدلة وجوب النصر وحرمة ترك رد الغيبة فإذا شك في بقاء المتجاهر على صفته يستصحب الموضوع وينقح به موضوع أدلة لا غيبة فيخرج عن موضوع أدلة وجوب النصر والرد.
ثم إن اطلاق الأخبار يقتضي وجوب النصر والرد بأي نحو ممكن أو أي نحو شاء ولو بتكذيبه ومعارضته بالمثل (نعم) في بعض الموارد تعارض تلك الأدلة مع أدلة أخرى بالعموم من وجه فلا بد من العلاج ونحوه، هذا بناء على استفادة الحكم الالزامي من الأدلة، وأما بناء على استفادة الحكم الاستحبابي كما رجحناه في أدلة النصر فلا يستفاد منها الاطلاق لصورة استلزام شئ موهن للمغتاب كتكذيبه وتحقيره ومعارضته بالمثل، لأن تلك الأدلة الواردة في شأن المؤمن واستحباب نصره وعونه لما وردت لمراعات حال العموم لا اطلاق لها يشمل حال استلزام عون مؤمن لترك عون مؤمن آخر فضلا عما استلزم تحقيره وتوهينه فعليه تحمل الروايات على نصر المؤمن بما لا ينافي المدارات مع المؤمن المغتاب بالنصيحة والموعظة الحسنة واللسان اللين لا التكذيب والتوهين. وربما يتشبث بالاستصحاب وحمل فعل المؤمن على السائغ لجواز تكذيب المغتاب أو وجوبه بأن كلامه إفك وبهتان بل حمل أخبار النصر والرد عليه بالخصوص، بل يتشبث بالآيات الواردة في الإفك لذلك حيث إن مفادها توبيخ المستمعين الجاهلين بترك تكذيب القائل وانتسابه إلى الإفك والبهتان.
ويرد عليه أن استصحاب عدم صدور الفعل عنه مع أنه ينفي موضوع أصالة الصحة، لأن موضوعها الفعل الصادر عنه المردد بين الصحيح والفاسد فلا ينبغي التمسك بهما في مورد واحد لا يثبت كون كلامه مخالفا للواقع وأن المتكلم به كاذب إلا بالأصل المثبت، فإن بين عدم وقوع الفعل من الفاعل وكون كلام المخبر كذبا والمخبر كاذبا ملازمة عقلية، (نعم) لا مانع من مقابلة المغتاب بنفي وقوع الفعل عنه بجريان