عدم الاكتفاء بهذا القدر من المعلومية، بل لا بد من انتشار نحو انتشاره بجريان الحد، كما أن هذا النحو من الانتشار ليس انتشارا مطلقا ولا مقابله مستورية مطلقة وكذا الحال في سائر الروايات، وبالجملة أن الظاهر منها هو الانتشار والاستتار العرفيان.
ثم المتيقن منها أنه عند الانتشار والمعروفية عند الناس عرفا لا يكون غيبة عند العارفين، ويحتمل أن يكون مقتضى اطلاقها جوازها لدى غيرهم، لكنه لا يخلو من اشكال لعدم الاطلاق في مفهوم رواية عبد الله بن سنان إن قلنا: بأصل المفهوم، لكونها في مقام تحديد الغيبة وأما اطلاقه بالنسبة إلى العارف وغيره: فغير ظاهر، وكذا الحال في رواية عبد الرحمن بن سيابة بطريق الحسن بن محبوب، بل هي أولى بعدم المفهوم لقوله: إن من الغيبة أن تقول (لخ)، وكذا في رواية داود بن سرحان فلا اطلاق في مفاهيم هذه الروايات، ورواية الأزرق مع ضعفها لا يبعد أن يقال فيها: إن الظاهر من قوله ذكر رجلا بما عرفه الناس، ذكره عندهم، كما أن المراد بالجملة الثانية أن يذكره عند غير العارفين، فاطلاقها أيضا مشكل.
بقيت رواية واحدة هي رواية عبد الرحمن بن سيابة بطريق يونس (1) فمع تسليم اطلاقها وعدم القول بانصرافها إلى ذكره عند من يعرفه بذلك: لا يمكن رفع اليد عن اطلاق الآيات والروايات الكثيرة بها مع كون الراوي عن يونس بن عبد الرحمن محمد بن عيسى، وقد استثناه ابن الوليد من رجال يونس وتبعه الصدوق و ضعفه جمع، ونحن وإن لم نقل بضعفه لكن العمل برواياته في خصوص مورد الاستثناء مشكل سيما في مثل المسألة، وعدم ورود توثيق ممن يعتمد على توثيقاته في عبد الرحمن بن سيابة بل رماه صاحب المدارك على ما حكي بالجهالة وإن لا يخلو من مدح ما، وكيف كان يشكل تقييد الاطلاقات بمثلها فالمسألة مشكلة، والأحوط ما ذكر بل لا يخلو من قوة.
نعم ما هو المتيقن من مضمون الروايات لا بأس بالعمل به.