ومن الروايات التي يمكن الاستدلال بها على الاستثناء رواية عبد الله بن سنان (1) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الغيبة أن تقول في أخيك: ما قد ستره الله عليه، و قريب منها رواية عبد الرحمن بن سيابة (2) ويحتمل أن يكون المراد بما ستره الله عليه ما يكون مستورا " تكوينا مقابل المكشوف تكوينا، فمثل العمى والبرص و العور وطول القامة وقصرها مكشوف ولو فرض ستره بساتر كالعمامة والقميص و نحوهما ومثل الجبن والبخل والحرص والطمع مستور ولو فرض كشفها بالآثار و الظاهر ضعف هذا الاحتمال ولو بقرينة سائر الروايات الآتية.
والأقوى الأظهر أن المراد بها مستوريتها عن الناس مقابل مكشوفيتها بينهم فالبرص المستور عن أعين الناس يكون مما ستره الله تعالى عليه، والبخل المكشوف لديهم بآثاره مما كشفه الله تعالى وهو من العيب الظاهر وهذا هو الموافق لسائر الروايات، كرواية داود بن سرحان (3) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الغيبة قال هو أن تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل وثبت عليه أمرا " قد ستره الله عليه لم يقم عليه فيه حد، ورواية عبد الرحمن بن سيابة (4) حيث مثل فيها للأمر الظاهر بمثل الحدة والعجلة، وأوضح منهما رواية يحيى الأزرق (5) قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: من ذكر رجلا بما فيه مما عرفه الناس لم يغتبه، ومن ذكره بما هو فيه مما لا يعرفه الناس اغتابه فالميزان هو المستورية والمعروفية بين الناس.
ولا يخفى أن المعروفية في مقابل عدمها ليست المعروفية بين جميع الناس، بل المراد هو المعروفية العرفية كمن كان معروفا في بلد أو طائفة وقبيلة بل عند جمع معتد به، فحينئذ يقع الكلام في أن المعروفية في بلد مثلا توجب جواز غيبته مطلقا حتى في بلد آخر ولدى أشخاص أخر كان العيب مستورا " عنهم، أو أن الجواز مقصور بغيبته لدى العارفين فإذا صار معروفا لدى الناس جازت عندهم فقط، أو أن الجواز وعدمه