دائر مدار علم السامع وعدمه ولو لم يكن معروفا لدى الناس، وبعبارة أخرى المعروفية عند الناس عرفا موضوعة للجواز مطلقا، أو لدى العارفين، أو أن الموضوع للجواز معلوميته لدى المستمع فتكون الغيبة المحرمة عبارة عن كشف ستر المؤمن فمع علم السامع لم يكن ذكره كشفا لستره ومع جهله يكون كشفا ولو كان مكشوفا لدى غيره بل في بلده ولدى الناس.
لعل الأقرب بنظر العرف ولو بمناسبة الحكم والموضوع هو الأخير، لصدق الستر عليه بالإضافة إلى هذا الشخص، وليس المراد بالستر الستر من جميع الناس حتى يكون الكشف عند واحد كافيا لجوازها.
إلا أن يقال: كما أنه ليس المراد به الستر من جميع الناس كذلك ليس المراد بمثل قوله: مما ستره الله عليه، الستر عن واحد واثنين مع مكشوفيته لدى أهل بلده ففي مثله لا يصدق أن ذلك مما ستره الله عليه، كما أنه إن كان مستورا " لدى الناس وقد علم به واحد أو اثنان لا يقال: إن الله تعالى كشف عيبه، فالستر والكشف وإن لم يكونا هو الكشف والستر لدى جميع الناس لكنهما لدى العرف عبارة عن حصولهما بنحو معتد به بحيث يقال: إنه معروف بذلك لدى الناس، فحينئذ يقال ستره الله عليه أو كشف الله ستره فلا يجوز ذكره حتى لدى العارف به إلا مع معروفيته به.
إلا أن يقال: إن العرف ولو بمناسبات يفهم من مثل الرواية أنه ليس لأحد كشف ما ستره الله على عبده، ولا ذكره، ولو لم يكن كشفا ولم يكن مستورا "، و أنه تعالى نهى عن بث الفاحشة وإشاعتها، وأما إذا لم يكن للذكر أثر في الطرف و يكون ذكره وعدم ذكره سواء بالنسبة إلى كشف الستر والعورة فالرواية قاصرة عن اثبات حرمته، وبعبارة أخرى المفهوم منها أن العبد لا بد في ذلك أن يكون تابعا لله تعالى في أصل الستر ومقداره فإن ستره الله مطلقا ستره كذلك وإن كشفه كشفه بمقداره، لا أزيد، لكنه مشكل بعد اطلاق الكتاب والسنة وبعد أخذ عناوين في الروايات المجوزة مما يرى العرف عناية القائل بها نحو قوله: قد ستره الله عليه