ذكر السوء خلف المغتاب، كان فيه أم لا، والبهتان الافتراء عليه، كان حاضرا " أم غائبا، فلا تقابل بينهما بالتباين ويصح التقابل بينهما لما ذكر، فلا تدل الروايات على أن التقابل بالتباين فلا معارضة بينها وبين ما تقدمت مما هي في مقام تحديد الغيبة كما لا يخفى، وبه يدفع توهم عدم امكان تعلق حكمين وإرادتين على عنواني الأخص والأعم. فإنه على فرض صحته إنما هو في الأخص المطلق، لا من وجه، بل ولا مطلق الأخص المطلق، بل فيما إذا أخذ عنوان الأعم في الأخص كالرقبة والرقبة المؤمنة، لا فيما كانا كذلك بحسب الانطباق، وبما ذكر يظهر حال غيرها مما تشعر بذلك.
كرواية منسوبة إلى يحيى الأزرق (1) وهو مجهول، والرواية ضعيفة وإن كان الراوي عنه أبان وهو من أصحاب الاجماع لما قررناه في محله من عدم تصحيح نقل أصحاب الاجماع من بعدهم (نعم) رجحنا العمل بخصوص مرسلات ابن أبي عمير دون غيره ودون مسنداته. قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه مما عرفه الناس لم يغتبه، ومن ذكره من خلفه بما هو فيه مما لا يعرفه الناس اغتابه، ومن ذكره بما ليس فيه فقد بهته.
ورواية ابن سنان (2) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الغيبة أن تقول في أخيك:
ما ستره الله عليه وأما إذا قلت: ما ليس فيه فذلك قول الله عز وجل: فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا، بل مرسلة الحسين بن سعيد (3) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: من قال في مؤمن: ما ليس فيه حبسه الله في طينة خبال حتى يخرج مما قال فيه وقال: إنما الغيبة أن تقول في أخيك: ما هو فيه مما ستره الله عز وجل فإذا قلت فيه: ما ليس فيه فذلك قول الله عز وجل في كتابه: فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا. فإنها مع إرسالها محمولة ولو جمعا بينها وبين ما في مقام التحديد على ما هو صرف غيبته بلا انطباق عنوان آخر عليه، وأما إذا لم يكن فيه فمشمول مع ذلك لقوله تعالى: احتمل