قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اقرأوا القرآن بألحان العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكبائر فإنه سيجئ من بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء.
النوح والرهبانية، لا يجوز تراقيهم، قلوبهم مقلوبة وقلوب من يعجبه شأنهم، وعن القطب الراوندي (1) في دعواته عن الحسن بن علي عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن جامع الأخبار عن حذيفة اليمان عنه صلى الله عليه وآله نحوها (2).
والظاهر من مقابلة ترجيع الغناء والنوح أنهما مغايران كما هو كذلك عرفا وخارجا، فلا تكون تلك الروايات شاهدة على مذهبه، فلو سلم اطلاقها فلم يسلم مساوقتهما وملازمتهما فحينئذ يأتي فيها ما تقدم في الجواب عن أخبار استحباب الابكاء والرثاء، ولو فرضت معارضتهما فلا ريب في ترجيح روايات حرمة الغناء عليها لموافقتها للمشهور، فإن مقتضى اطلاق الأصحاب وعدم استثنائهم غير الأعراس و الحداء: قصره عليهما أو على أولهما كما يأتي الكلام فيه، وإنما حكى عن بعضهم استثناء مراثي أبي عبد الله المحقق الثاني في محكي جامع المقاصد فأخذه عنه بعض من تأخر (3).
فالشهرة مع عدم الاستثناء وهي إما مرجحة أو موهنة للأخبار المخالفة لها، و مخالفتها للعامة على ما حكي عن مذاهبهم أن التغني من حيث كونه ترديد الصوت بالألحان مباح لا شئ فيه، ولكن قد يعرض له ما يجعله حراما أو مكروها، وعن احياء الغزالي (4) عن الشافعي لا أعلم أحدا من علماء الحجاز كره السماع، و قد حكى حمل بعضهم ما عن أبي حنيفة أنه يكره الغناء ويجعل سماعه من الذنوب على النوح المحرم وموافقتها للكتاب بوجه لا يخلو من اشكال، وربما يستشهد