ولا شبهة في دلالتها على المدعى في خصوص الخمر، فإن الظاهر من لعن البايع والمشتري في مقابل آكل الثمن، أنهما بما لهما من العنوان ملعونان، فيظهر منه أن البيع والاشتراء محرمان وإن لم يترتب عليهما أثرهما المطلوب شرعا: أي النقل والانتقال وأما اسراء الحكم إلى سائر النجاسات: فغير جائز، لخصوصية في الخمر ليست في غيرها.
نعم الظاهر كون سائر أنواع المسكرات بحكمها، لاحتمال صدقها عليها ولو ببعض المناسبات، ولعموم التنزيل في روايات عديدة، كرواية أبي الجارود (1) وفيها (أما الخمر فكل مسكر من الشراب إذا أخمر فهو خمر) ورواية عطاء بن يسار (2) عن أبي جعفر عليه السلام (قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله كل مسكر حرام وكل مسكر خمر) وصحيحة علي بن يقطين (3) عن أبي الحسن الماضي عليه السلام (قال إن الله عز وجل لم يحرم الخمر لاسمها، ولكن حرمها لعاقبتها، فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر) إلى غير ذلك.
فإن دلالتها على المطلوب لا تكاد تخفى، لاطلاق التنزيل، ولأن الحمل يقتضي الاتحاد، وبعد عدم كونه تكوينا لا بد من تصحيحه، وتصحيح الدعوى كونهما واحدا " من جميع الجهات في التشريع، والحمل على بعض الآثار: غير وجيه لعدم وجاهة الحمل وصحته مع اختلافهما في جميع الآثار إلا في حرمة الشرب مثلا، إلا أن تكون سائر الآثار بحكم العدم فيحتاج إلى دعوى أخرى وهي خلاف الظاهر، بل الحمل مع موافقتهما في جملة من الآثار يعد غير وجيه عرفا.
وإن شئت قلت: إن مقتضى تحكيم تلك الروايات على الروايات المشتملة على لعن رسول الله صلى الله عليه وآله الخمر وبايعها (الخ) إن ما ثبت لها في تلك الروايات، ثبت لسائر المسكرات فإن هذه الروايات منقحة لموضوعها ومعه لا مجال للتشكيك في الدلالة،