أوصافه ولا حاجه في التعقل إلى تجريد ماهيته عن ماهية العوارض بان يحذف منها ما عداها (1) وإن كان ذلك أيضا ميسرا لكن الواجب في التعقل هو التجريد عن نحو هذا الوجود الوضعي الذي لا بد ان يكون في جهة من جهات هذا العالم المادي فثبت ان للانسان وجودا في الطبيعة المادية وهو لا يكون بذلك الاعتبار معقولا ولا محسوسا ووجودا في الحس المشترك والخيال وهو بهذا الاعتبار محسوس البتة لا يمكن غير هذا ووجودا في العقل وهو بذلك الاعتبار معقول بالفعل لا يمكن غير ذلك ثم لما ظهر لك بالبرهان القطعي ان وجود المحسوس بما هو محسوس هو بعينه حس وحاس وكذا المعقول بالفعل وجوده بعينه وجود الجوهر العقلي ويتحد العاقل والمعقول وعلم أيضا ان العاقل جوهر مفارق بالفعل فالمعقول كذلك ولذا الكلام في الصور المحسوسة الموجودة في عالم الخيال هي بعينها عين القوة الخيالية وهي لا محاله جوهر والمتحد في الوجود مع الجوهر جوهر فللانسان مثال جوهري قائم بنفسه في عالم الأشباح ومثال عقلي جوهري قائم بذاته في عالم العقول وهكذا الامر في كل موجود طبيعي من الموجودات الطبيعية له ثلاث وجودات (2) أحدها عقلي وثانيها مثالي وثالثها مادي واعلم أن الوجود العقلي من كل نوع لا يمكن ان يكون الا واحدا غير متعدد وذلك لان الحقيقة إذا كانت لها حد واحد نوعي فلا يمكن تعددها الا من جهة المادة أو من جهة
(٥٠٦)