من العلم بمعنى الصورة العلمية ولو عدها أحد أربعة نظرا إلى اعتبار الوجود في هذا العالم كما فعلها بعض الصوفية (1) حيث عدوها من الحضرات الخمسة الإلهية أعني حضره الذات وحضره الأسماء وحضره الصفات وحضره الافعال وحضره الآثار فلا مشاحة في ذلك بشرط ان يعلم أنها ضعيفه الوجود بحيث لا يكون صوره علمية ولا حقيقة معلومه بذاتها بل بالتبع.
فعلى هذا يمكن ان يقال المدركات الإمكانية على أربعة اقسام أحدها تام الوجود والمعلومية وهي العقول والمعقولات بالفعل (2) وهي لشدة وجودها ونوريتها وصفائها برئية عن الأجسام والأشباح والأعداد وهي مع كثرتها ووفورها يوجد بوجود واحد جمعي لا مباينه بين حقائقها إذ كلها مستغرقة في بحار الإلهية وإليها أشار بقوله تعالى ما لا تبصرون ولفظ العنصر في كلام الأوائل إشارة إلى هذا العالم.
وثانيها عالم النفوس الفلكية والأشباح المجردة والمثل المقدارية (3) و هي مكتفية بذاتها وبمباديها العقلية إذ بواسطة اتصالها بعالم الصور الإلهية التامة الوجود ينجبر نقصاناتها وينخرط معها.
وثالثها عالم النفوس الحسية والملكوت الأسفل وجميع الصور المحسوسة بالفعل المدركة بواسطة المشاعر والآلات هي أيضا من الملكوت الأسفل وهي ناقصة الوجود ما دامت كذلك الا ان يرتفع من هذا العالم ويتجرد إلى عالم الأشباح المجردة بتبعية ارتقاء النفس الانسانية إليها.