على خلاف القسمة الأولى فإن كان الفصل بعينه ذلك الأول وكذا الجنس فهذا محال وإن كان فصل آخر وجنس آخر فحدث للشئ جنس وفصل لم يكونا أولا واجزاء قوام الشئ يمتنع ان يكون حصولها بعد ذلك الشئ بل يجب ان يكون قبله قبلية ذاتية ولو كانت القسمة مظهره لها كاشفه لا محدثه لها والقسمة المقدارية غير واقفه عند حد فيلزم ان يكون لشئ واحد أجناس وفصول بلا نهاية (1) هذا محال ثم كيف يجوز ان يكون صوره هذا الجانب مختصه بأنها جنس وصوره ذلك الجانب بأنها فصل وإن كان هذا الاختصاص يحدث بتوهم القسمة فالتوهم أوجب تغير صوره الشئ وحقيقته وهذا محال وإن كان موجودا فيجب ان يكون عقلنا شيئين لا شيئا واحدا والسؤال في كل من الشيئين ثابت فيجب ان يكون عقلنا أشياء بلا نهاية عند تعقلنا لشئ واحد فيكون للمعقول الواحد مباد معقولة بلا نهاية ثم كيف يحصل من المعقولين معقول واحد ونحن نعقل طبيعة الجنس بعينها لطبيعة الفصل لأنها من الاجزاء المحمولة بعضها على بعض والحمل هو الاتحاد في الوجود فكيف يكون الإشارة الحسية إلى أحدهما غير الإشارة إلى الاخر كما هو شان الاجزاء المتبائنة في الوضع فيجب ان تحل صوره الفصل وطبيعته إذا حلت في الجسم حيث تحل صوره الجنس وطبيعته الا ترى ان فصل السواد وهو قابض للبصر يحل في الجسم حيث حل السواد فيه فقد بان واتضح ان المعقولات الحقيقية لا يمكن أن تكون حالة في جسم من الأجسام ولا في مادة من المواد الجسمانية فان قلت أليست حقيقة السواد والبياض (2) والحيوان والشجر وغيرها
(٤٩٥)