التصديقات البديهية أو النظرية فهي متفرعة على هذه القضية ومتقومة بها ونسبتها إلى الجميع كنسبة الوجود الواجبي إلى وجود الماهيات الممكنة لان جميع القضايا يحتاج التصديق بها إلى التصديق بهذه القضية وهي أولية التصديق غير مفتقرة إلى تصديق آخر وكما أن الواجب جل ذكره هو الموجود المطلق البحت من غير تقييد وتخصيص بمعنى خاص فان قولنا هذا فلك وهذا انسان معناه انه موجود بوجود فلكي لا غير وانه موجود بوجود هو انسان فقط لا شئ آخر جماد أو نبات أو عقل أو غير ذلك من الوجودات الخاصة ولهذا قيل كل ممكن زوج تركيبي لان وجوده مقيد بسلب سائر الوجودات عنه فما من وجود غير الوجود البحت الا وهو مقيد بماهية مخصوصة فكذلك كل قضية غير أولى الأوائل بديهية كانت أو نظريه فهي بالحقيقة هذه القضية مع قيد مخصوص فان العلم بان الموجود اما واجب أو ممكن علم بان الموجود لا يخلو عن ثبوت الوجوب ولا ثبوته أو عن ثبوت الامكان ولا ثبوته وهذا هو بعينه العلم الأول والقضية الأولية لكن مع قيد خاص وقولنا الكل أعظم من جزئه معناه ان زيادة الكل على جزئه (1) لما لم تكن معدومة فهي موجودة لامتناع ارتفاع الطرفين وكذلك قولنا الأشياء المساوية لشئ واحد متساوية مبتنية على تلك القضية وقد تخصصت في مادة وجود المساواة وعدمها فإنه لما ثبتت المساواة بين أشياء مشاركه لشئ واحد في الطبيعة النوعية انتفى عدم المساواة بينها فان طبيعتها لما كانت واحده فلو كانت غير مساوية لاختلفت طبيعتها فيلزم اجتماع النقيضين (2) وكذا قولنا الشئ الواحد لا يكون في مكانين إذ لو حصل في مكانين لما تميز حاله عن حال الشيئين الحاصلين في مكانين وإذا لم يتميز الواحد
(٤٤٤)