الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٤ - الصفحة ٤٤٥
في وحدته عن الاثنين فكان وجود الثاني كعدمه فقد اجتمع في ذلك الثاني الوجود والعدم فثبت ان القضيتين الأوليين انما كانتا ظاهرتي الحقيقة لكونهما في قوه قولنا النفي والاثبات لا يرتفعان والقضيتان الاخريان انما كانتا ظاهرتين لكونهما في قوه قولنا النفي والاثبات لا يجتمعان وكذا القياس في سائر القضايا البديهية والنظرية في رجوعها عند التحليل (1) إلى هذه القضية فظهر ان هذه القضية أول الأوائل في باب العلم التصديقي (2) فلذلك اتفقت الحكماء وغيرهم من أهل النظر على أن المنازع لها لا يستحق المكالمة والمناظرة قالوا وإذ لا يمكن اقامه البرهان على حقية هذه القضية فالذي ينازع فيها اما ان ينازع فيها لأنه لم يحصل له تصور اجزاء هذه القضية واما لكونه معاندا واما لأجل انه تعادلت عنده الأقيسة المنتجة للنتائج المتناقضة والمتقابلة ولم يكن له قوه ترجيح بعضها على بعض فضلا عن القدرة على الجزم بثبوت بعضها ونفى الاخر فإن كان من قبيل القسم الأول فعلاجه تفهيم ماهيات اجزاء تلك القضية وإن كان من القسم الثاني فعلاجه الضرب والحرق وان يقال له الضرب واللا ضرب والحرق واللا حرق واحد أقول علاج هذا القسم ليس على الفيلسوف بل على الطبيب فان مثل هذا الانسان إذا كابر و

(1) مما ينبغي ان يتنبه له ان رجوع سائر القضايا البديهية والنظرية إلى هذه القضية تتميم التصديق بها بقياس استثنائي توضع فيه هذه القضية ثم يستثنى فيه أحد طرفي النقيض لتثبت الطرف الآخر سلبا أو ايجابا كان يقال في قولنا الشئ ثابت لنفسه وهي بديهية أولية اما ان تصدق هذه القضية أو يصدق نقيضها لكنها صادقه فنقيضها كاذب بالضرورة واما الرجوع بالتحليل بمعنى تحصيل الحدود الوسطى وتأليف المقدمات فغير جار البتة فان أول الأوائل قضية منفصله حقيقية لا ينحل إليها القضايا الحملية وهو ظاهر ط مد (2) أشار قدس سره إلى أن الأحق باطلاق أول الأوائل في نشأة الذهن هو مفهوم الوجود في باب التصورات ومقدم على التصديق وأيضا هو عنوان حقيقة الوجود التي هي مقدمه على كل حقيقة وهي أظهر من كل ظاهر وعنوانها أبده من كل بديهي منتهى سلسله البديهيات كما انتهى منتهى سلسله الحاجات س ره.
(٤٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 ... » »»
الفهرست