فهو ملموس وكما لا يمكن في الحواس ان يدرك الحس شيئا هو له ولا ان يميزه (1) كذلك إذا كان للعقل درك ما وتميز ما للمعقولات فليس يمكن ان يكون واحدا من الأشياء التي هو يميزها لكنه مدرك للكل إذا كان يمكن ان يعقل الكل (2) فليس هو اذن واحدا من الموجودات بالفعل ولكنه بالقوة كلها فان هذا هو معنى انه عقل هيولاني فان الحواس وان كانت انما تكون بأجسام فليست من الأشياء التي تدركها ولكنها أشياء اخر غيرها بالفعل فان ادراك الحواس انما هو قوه لجسم ما ينفعل (3) ولذلك ليس حس مدركا لكل محسوس لان الحس أيضا هو شئ ما بالفعل فاما العقل فليس يدرك الأشياء بجسم ولا هو قوه لجسم ما ولا ينفعل فليس هو البتة شيئا من الموجودات بالفعل ولا هو شيئا مشارا إليه بل انما هو قوه ما قابله للصور والمعقولات هذا إذا استكمل هذه النفس فهذا هو العقل الهيولاني وهو في جميع من له النفس التامة أعني الناس.
وللعقل ضرب آخر وهو الذي قد صار يعقل وله ملكه ان يعقل وقادر ان يأخذ صور المعقولات بقوته في نفسه وقياسه قياس الذين فيهم ملكه الصناعات القادرين بأنفسهم على أن يعملوا أعمالهم فان الأول ما كان شبيها بهؤلاء بل الذين فيهم قوه