الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٤ - الصفحة ٣٢٠
نفسها إلى مرتبه الكمال فكذلك حاك النفس (1) في صيرورتها عقلا بالفعل بعد كونها عقلا بالقوة وليس لحوق الصورة العقلية بها عندما كانت قوه خيالية بالفعل عقلا بالقوة كلحوق موجود مباين لموجود مباين كوجود الفرس لنا أو كلحوق عرض
(1) وقد حصل لنا من هذا مبدء برهان على اتحاد العاقل والمعقول كما استدل إسكندر عليه سيما على قول المصنف قدس سره والسيد السند من أن التركيب بين المادة والصورة اتحادي لا انضمامي وهو ان النفس مادة ومدركاته صوره له وله وحده جمعية والمادة والصورة لهما نحو اتحاد في ذوات الأوضاع فكيف في العقليات بخلاف الموضوع والعرض فان تركيبهما اعتباري كما تقرر ولنا براهين أخرى على هذا المطلب العظيم بعد تبيينه اما التبيين فهو ان المراد بالاتحاد هو الاتحاد بحسب الوجود لا المفهوم فان مفاهيم المعقولات في أنفسها ومع مفهوم العاقل متغايرة ولكن وجودها واحده فإذا سمع ان العاقل يتحد بالمعقولات لا بد ان لا يذهب الوهم إلى شيئيات المفاهيم بما هي مفاهيم بل المراد ان وجودها وجوده والا لكان العقل مفاهيم صرفه كتقرر الماهيات الذي يقول به المعتزلة وأيضا ان أريد المعقولات المفصلة المأخوذة مع الوجود فوجودها متحد بظهور العاقل لا بمقام خفائه وان أريد المعقول البسيط الذي هو العقل البسيط الاجمالي الذي هو خلاف العقل التفصيلي فلا باس باتحاده بمقام خفائه وبعبارة أخرى مرتبه خفاء العاقل وكنه ذاته عين النحو الاعلى من كل معقول بنحو الكثيرة في الوحدة والتفصيل في الاجمال كما أن المعقولات المفصلة مقام الوحدة في الكثرة والاجمال في التفصيل للعاقل والمصنف قدس سره لم يرد الا هذا إذ لو لم يقل بالمرتبتين لزمه الطريقة المنسوبة إلى ذوق المتألهين في الموجودات الخارجية وهي وحده الوجود وكثرة الموجود لتطابق العوالم وهو قدس سره متحاش عنها واما البراهين فمنها ان المعقول مجرد وكل مجرد عاقل لذاته ان قلت المجرد القائم بذاته عاقل لذاته والمعقول قائم بالغير كالنفس قلت قيام المعقولات بالغير باطل فان كليات الجواهر جواهر والذاتي لا يختلف ولا يتخلف والقيام الحلولي في الصور الخيالية باطل على التحقيق فكيف في الصور العقلية ومنها انه قد مر ان ادراك الكليات مشاهده العقول من الطبقة المتكافئة والقدماء أيضا قالوا إياها يتلقى العقل عند ادراكه للكليات والحدود والبراهين تنحو نحو هذه وللنفس اضافه شهودية اشراقية إليها وكل مجرد عاقل ومنها ان مبدء الاشتقاق هو المصداق الحقيقي للمشتق فالعلم هو العالم كما أن الوجود هو الموجود الحقيقي والبياض هو الأبيض الحقيقي وهكذا والحكماء قالوا النفس تقابل العقل ومع ذلك تسمى عقلا باعتبار المعقول فإنه عقل فالنفس تسمى عقلا بالقوة حيث كان المعقول بالقوة و عقلا بالفعل حيث صار المعقول بالفعل فهو عقل أي عاقل ومنها ان النفس باعتبار مقامه الشامخ وباطن ذاته فياض المعقولات المفصلة على النفس ومفيض الوجود ومعطى الكمال ليس فاقدا له بل واجد إياه بنحو أعلى وهذه مقدمه برهانية بل يمكن ادعاء البداهة فيها وهذا يثبت المطلوب سواء كان فياض العقول التفصيلية هو العقل البسيط الذي هو الملكة أو باطن ذات النفس أو العقل الفعال ومنها ان الخارج والذهن عالمان متطابقان كتوأمين يرتضعان من ثدي واحد بلبن واحد فإذا قلت زيد في الخارج فهو عين مرتبه من مراتب الخارج إذ الخارج كالمكان والخارجي كالمتمكن فكذلك الذهني عين مرتبه من مراتب الذهن أي النفس ومشاعرها إذ ليس الذهن ظرفا للذهني فهذه ستة براهين على هذا المذهب وقد أيدته الأذواق ونعم ما قال المولوي أي برادر تو همن انديشه أي * ما بقي تو استخوان وريشه أي