الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٤ - الصفحة ٣١٥
عاقلا له فلو كان العاقل أمرا مغايرا له لكان هو في حد نفسه مع قطع النظر عن ذلك العاقل غير معقول فلم يكن وجوده هذا الوجود العقلي وهو وجود الصورة العقلية فان الصورة المعقولة من الشئ المجردة عن المادة سواء كان تجردها بتجريد مجرد إياها عن المادة أم بحسب الفطرة فهي معقولة بالفعل ابدا سواء عقلها عاقل من خارج أم لا وليس حكم هذه المعقولية كحكم متحركية الجسم الذي إذا قطع النظر عن محركه لم يكن هو في ذلك الاعتبار متحركا بل جسما فقط وذلك لان وجود الجسم بما هو جسم ليس بعينه وجوده بما هو متحرك ولا كحكم متسخنية الجسم إذا قطع النظر عن تسخين مسخنة فإنه لم يكن هو متسخنا عند ذلك لان وجوده بعينه ليس وجود السخونة ولا كذلك حكم المعقول بالفعل فإنه لا يمكن ان يكون الا معقولا بالفعل لان ذلك الكون في نفسه هو بعينه معقوليته سواء عقله غيره أو لم يعقله فهو معقول الهوية بالفعل من غير حاجه إلى عاقل آخر عقله فاذن هو عاقل بالفعل كما أنه معقول بالفعل والا لزم انفكاك المعقول بالفعل عن العاقل بالفعل وقد مر في مباحث المضاف ان المتضائفين متكافئان في الوجود (1)

(1) ليس المراد ان العاقل والمعقول لما كانا مضافين ومتكافئين في درجه الوجود كان أحدهما صادقا في ايه مرتبه يصدق الاخر ومن جمله ذلك صدق أحدهما في مرتبه ذات الاخر حتى يقال إن ذلك ظاهر البطلان لان الماهية من حيث هي ليست الا هي وكما أن مفهوم أحدهما لا من حيث التحقق ليس في مرتبه مفهوم الاخر كذلك من حيث التحقق أي التحقق الذي هو بمعنى تحقق منشأ انتزاعه ليس في درجه تحقق الاخر بمعنى ان يكون عينه أو جزئه وان اتفق العينية كما في تعقل المجرد لذاته فهو من دليل آخر فان التكافؤ الذي هو مقتضى التضايف ان يكون بينهما المعية بالذات لا التقدم والتأخر كما قالوا لا عليه بين المتضائفين بل مراده قدس سره انه لا يمكن ان يكون العاقل الذي بإزاء هذا المعقول بالذات ذات النفس التي عندهم مغايرة له وكالظرف له ولها وجود خال عنه لا بالقوة وهو بالفعل والمتضايفان متكافئان قوه وفعلا فالعاقل بالفعل الذي يساوقه وهو نفس المعقول ولو كان النفس مع المعقول عاقلة كان منشأ العاقلية نفس المعقول فنفس المعقول هو العاقل وهو المطلوب فهذا بهذا التقرير برهان آخر غير ما ذكره أولا من المعقول بالفعل لا وجود له الا الوجود العقلي النوري فهو مع عزل النظر عن الغير معقول فمع عزل النظر عن الغير عاقل لذاته ان قلت في البرهان الأول إذا لم نتمسك بقاعدة التكافؤ فكيف نثبت تحقق العاقل قلنا بقاعدة ان وجود المعقول في نفسه عين وجوده للعاقل كما ذكرها وهذا غير قاعدة التضايف المقولي كما أن اثبات المعقولية بالذات للمعقول بالذات وبالفعل لم يكن اثبات الإضافة المقولية نعم لا مضايقة في الإضافة الاشراقية لان المعقول اشراق النفس متقوم الوجود بها وهي مقومه وجودا لها س ره.
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»
الفهرست