ونحن نذكر في هذا الفصل ما ذكره في بطلان هذا القول من استدلالاته واحتجاجاته على ذلك وتشنيعاته على القائلين بالاتحاد بين العقل والعاقل ثم نأخذ في التفصي عن اشكالاته والجواب عن احتجاجاته فلقد قال في كتاب الإشارات ان قوما من المتصدرين يقع عندهم ان الجوهر العاقل إذا عقل صوره عقلية صار هو هو فلنفرض الجوهر العاقل عقل آ وكان هو على قولهم بعينه المعقول من آ فهل هو حينئذ كما كان عندما لم يعقل آ أو بطل منه ذلك فإن كان كما كان فسواء عقل آ أو لم يعقلها وإن كان بطل منه ذلك أبطل على أنه حال له والذات باقيه فهو كسائر الاستحالات ليس على ما يقولون وإن كان على أنه ذاته فقد بطل ذاته و حدث شئ آخر ليس انه صار شيئا آخر على انك ان تأملت هذا أيضا علمت أنه يقتضى هيولي مشتركة وتجدد مركب لا بسيط.
وقال أيضا زيادة تنبيه وأيضا إذا عقل آ ثم عقل ب أيكون كما كان عندما عقل آ حتى يكون سواء عقل ب أو لم يعقلها أو يصير شيئا آخر و يلزم منه ما تقدم ذكره.
وقال فيه أيضا وكان لهم رجل يعرف بفرفوريوس عمل في العقل والمعقولات كتابا يثنى عليه المشاؤن وهو حشف كله وهم يعلمون من أنفسهم انهم لا يفهمونه ولا فرفوريوس نفسه وقد ناقضه من أهل زمانه رجل وناقض هو ذلك المناقض بما هو أسقط من الأول ثم ذكر دليلا عاما على نفى الاتحاد بين شيئين مطلقا وقال اعلم أن قول القائل ان شيئا ما يصير شيئا آخر لا على سبيل الاستحالة من حال إلى حال ولا على سبيل التركيب مع شئ آخر ليحدث عنهما شئ ثالث بل على أنه كان شيئا واحدا فصار واحدا آخر قول شعري غير معقول فإنه إن كان كل واحد