هؤلاء المعتبرين من الفضلاء فما حال غير هؤلاء من أصحاب الأوهام والخيالات و أولى وساوس المقالات والجدالات فتوجهنا توجها جبليا إلى مسبب الأسباب وتضرعنا تضرعا غريزيا إلى مسهل الأمور الصعاب في فتح هذا الباب إذ كنا قد جربنا مرارا كثيره سيما في باب اعلام الخيرات العلمية والهام الحقائق الإلهية لمستحقيه ومحتاجيه ان عادته الاحسان والانعام وسجيته الكرم والاعلام و شيمته رفع اعلام الهداية وبسط أنوار الإفاضة فأفاض علينا في ساعة تسويدي هذا الفصل من خزائن علمه علما جديدا وفتح على قلوبنا من أبواب رحمته فتحا مبينا وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم فنقول امتثالا لقوله تعالى و اما بنعمه ربك فحدث ان صور الأشياء على قسمين إحداهما صوره مادية قوام وجودها بالمادة والوضع والمكان وغيرها ومثل تلك الصورة لا يمكن ان يكون بحسب هذا الوجود المادي معقولة بالفعل بل ولا محسوسة أيضا كذلك الا بالعرض والأخرى صوره مجرده عن المادة والوضع والمكان تجريدا اما تاما فهي صوره معقولة (1) بالفعل أو ناقصا فهي متخيلة أو محسوسة بالفعل وقد صح عند جميع الحكماء ان الصورة المعقولة بالفعل وجودها في نفسها ووجودها للعاقل شئ واحد من جهة واحده بلا اختلاف (2) وكذا المحسوس بما هو محسوس وجود في نفسه ووجوده للجوهر
(٣١٣)