فلاحظ وتدبر.
منع دلالة بعض الآيات على مبطلية الرياء ثم اعلم: أنه من الآيات الدالة على مبغوضية الرياء، وموجبيته البطلان، قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس (1) فإنها بظاهرها تدل على بطلان العمل الريائي.
وفيه: أنها تدل على بطلان الصدقة بالمن والأذى، والمقصود من بطلانها سقوط أجرها، دون فسادها حتى تلزم إعادة الصدقة الواجبة، فإن المن بعد العمل لا يورث البطلان، مع أن الآية ناظرة إلى إبطال الصدقة بهما، فيكون المفروض فيها أنه قد أتى بها، ثم يريد المنة والأذى، فنهي الناس عنه.
وتوهم: أنها في مقام بيان اشتراط الصدقة بعدم المنة حين الاعطاء، فاسد جدا، لظهور قوله: (لا تبطلوا) في أن الصدقة المفروضة الوجود صحيحة جامعة للشرائط، تكون منهيا إبطالها كما لا يخفى.
وعلى هذا، لا دلالة لها على فساد العمل المأتي به لله تعالى رياء، بل تدل على هبوط العمل الريائي، الذي لا يريد جدا فيه شؤونه تعالى، بل المقصود إراءة الناس لا الغير.
وأما لو أراده تعالى، ويرى الناس عمله المأتي به لله تعالى،