2 - إظهار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رغبته بحفظ القرآن، والاحتفاظ به، وكانت السيطرة والسلطة له خاصة، والعادة تقضي بأن الزعيم إذا أظهر رغبته بحفظ كتاب أو بقراءته، فإن ذلك الكتاب يكون رائجا بين جميع الرعية الذين يطلبون رضاه لدين أو دنيا.
3 - إن حفظ القرآن سبب لارتفاع شأن الحافظ بين الناس وتعظيمه عندهم، فقد علم كل مطلع على التاريخ ما للقراء والحفاظ من المنزلة الكبيرة، والمقام الرفيع بين الناس، وهذا أقوى سبب لاهتمام الناس بحفظ القرآن جملة، أو بحفظ القدر الميسور منه.
4 - الأجر والثواب الذي يستحقه القارئ والحافظ بقراءة القرآن وحفظه.
هذه أهم العوامل التي تبعث على حفظ القرآن والاحتفاظ به، وقد كان المسلمون يهتمون بشأن القرآن، ويحتفظون به أكثر من اهتمامهم بأنفسهم وبما يهمهم من مال وأولاد. وقد ورد أن بعض النساء جمعت القرآن كله، أخرج بن سعد في الطبقات:
أنبأنا الفضل بن دكين، حدثنا الوليد بن عبد الله بن جميع قال: حدثني جدي عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يزورها ويسميها الشهيدة، وكانت قد جمعت القرآن - أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين غزا بدرا قالت له: أتأذن لي فأخرج معك، أداوي جرحاكم، وأمرض مرضاكم، لعل الله أن يهدي لي شهادة؟ قال:
إن الله مهد لك شهادة - الإتقان، النوع 20 مجلد 1 صفحة 125.
وإذا كان هذا حال النساء فكيف يكون حال الرجال، وقد عد من حفاظ القرآن على عهد رسول الله جم غفير؟ قال القرطبي (قتل يوم اليمامة سبعون من القراء، وقتل في عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في بئر معونة مثل هذا العدد) الإتقان مجلد 20 صفحة 122، وراجع تفسير القرطبي مجلد 1 صفحة 50، وقد تقدم في الرواية العاشرة أنه قتل من القراء يوم اليمامة 400 رجلا، وقد كان للنبي كتاب عديدون، ولا سيما أن القرآن نزل نجوما في مدة 23 سنة.
كل هذا يورث لنا القطع بأن النبي كان قد أمر بكتابة القرآن على عهده، روى زيد بن ثابت قال: كنا عند رسول الله نؤلف القرآن من الرقاع. (قال الحاكم: هذا حديث