راجع الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري مجلد 1 صفحة 5 - 11 والخلاصة أن الصديق لم يترك أمة محمد هملا، إنما استخلف عليها عمر.
وعمر على فراش الموت وقد افتقد أبا عبيدة، وافتقد سالم، وافتقد معاذ بن جبل، وحتى لا يدع أمة محمد هملا وبغير راع، استخلف عليهم عمليا عثمان بن عفان، وعثمان (رضي الله عنه) هذا موضع ثقة الصديق بدليل أنه عندما كتب العهد لعمر قال له الصديق:
لو كتبت نفسك لكنت أهلا لها. راجع صفحة 438 مجلد 2 من تاريخ الطبري، وصفحة 37 من سيرة عمر لابن الجوزي، وصفحة 85 مجلد 2 من تاريخ ابن خلدون، وصفحة 147 من كتابنا النظام السياسي في الإسلام، وباب القيادة السياسية من كتاب المرجعية السياسية في الإسلام. وكان موضع ثقة الفاروق أيضا، فكان الناس إذا أرادوا أن يسألوا عمر بشئ رموه بعثمان، وكان عثمان يدعى في إمارة عمر بالرديف، والرديف بلسان العرب الرجل الذي يأتي بعد الرجل، والعرب تقول ذلك للرجل الذي يرجونه بعد زعيمهم. راجع نظام الحكم للقاسمي صفحة 419 كما نقلها عن الطبري من ابتداء معركة القادسية.
والخلاصة أن الفاروق لم يترك أمة محمد هملا وبغير راع من بعده.
فتلك أمور معروفة، فالثلاثة الذين حضروا اجتماع السقيفة قد خرجوا من السقيفة معا مثلما دخلوها معا، وترتبت حقيقة أن أبا بكر هو الخليفة الأول، وأن عمر هو الخليفة الثاني، وأن أبا عبيدة هو الخليفة الثالث، وبموت أبي عبيدة وقع اختيار الخليفتين على عثمان، ومن يدقق بالشروط التي وضعها عمر لأصحاب الشورى - الخمسة لأن طلحة كان غائبا - يكتشف أن عثمان بن عفان قد عهد إليه عمر بالنص، أو إن شئت فقل: سماه خليفة بالنص، راجع كتابنا النظام السياسي في الإسلام صفحة 148 وصفحة 328 وبعد أن تولى الأمويون رئاسة الدولة لم يتركوا الأمة هملا وبغير راع، بل أصبح العهد هو الطريقة المتبعة على الأغلب في تولية الخليفة، وهكذا الحال في عهد العباسيين،