مصادر التشريع، ولقد سادت هذه المقولة طوال التاريخ السياسي الإسلامي، ورسختها وسائل الإعلان الرسمية، حتى استقرت في الأذهان كسنة من سنن الأولين، وجاء الإصرار على ترسيخ هذه المقولة دعما لوقائع التاريخ السياسي الإسلامي، وإرغاما من الحكام لأنوف أهل البيت الكرام خاصة، وبني هاشم عامة الذين يقولون بنظرية شرعية تعاكس تماما مقولة الترك والتخلية.
قلت في مقال لي نشر في جريدة اللواء الأردنية العدد 955 تاريخ 17 صفر 1412 ما يلي:
الأحزاب الدينية العربية لا تجهل أن الرسالات الإلهية لبني البشر لم تتوقف طوال التاريخ البشري على الأرض، فهل تتفضل هذه الأحزاب - مشكورة ومأجورة إن شاء الله - فتبين للناس متى أرسل الله تعالى رسالة بدون رسول؟ ومتى خصهم بعقيدة دون مرجع؟ ومتى رحمهم بهداية دون هاد؟
وهل تتفضل هذه الأحزاب مشكورة، فتدلني على أي نظام إلهي أو وضعي عرف طوال التاريخ، يغفل كيفية تنصيب القيادة السياسية أو كيفية انتقالها؟
معكم الدنيا طولا وعرضا فوقا وتحتا من لدن آدم حتى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا بإذن الله، فقد آن الأوان لترك التقليد الأعمى، وآن أوان الدخول إلى أفق رحابة التكييف الإلهي للأحداث والأحكام.
يكمن سبب المصائب التي حلت بهذه الأمة ومزقت وحدتها، وبعثرت صفوفها، وجعلتها شيعا وأحزابا وطرائق قددا - يكمن في الفصل بين المنظومة الإلهية وبين المرجعية والقيادة السياسية التي عينها الله تبارك وتعالى، واستبدالها بالمرجعية والقيادة السياسية التي فرضتها القوة والغلبة، واستكان لها الناس بحكم طاعة الغالب، ثم بحكم التكرار والتقليد الأعمى.
فما سالت الدماء إلا من أجل رئاسة الدولة، وما اختلف المسلمون إلا بسبب هذه الرئاسة، وما حدثت الحروب بينهم إلا طمعا بها، فهل يعقل أن يبين الشرع الحنيف