في شك من هذا فارجع مشكورا على سبيل المثال إلى صحيح مسلم مجلد 6 صفحة 20 - 22 باب الأمر بلزوم الجماعة، ومجلد 2 صفحة 229 من شرح النووي على صحيح مسلم، ومجلد 8 صفحة 158 - 159 من سنن البيهقي... إلخ.
أما لماذا هذه المبالغات بالطاعة والاحتياطات؟ ذلك لأنه خليفة رسول الله والقائم مقامه، والمتمتع بصلاحياته في القيادة!
وقد توطد مركز الخلافة في ظلال هذه القناعات، حتى أعلن الحجاج بكل وضوح كما أسلفنا أن الخليفة أهم من الرسول نفسه، ومقامه أعظم من مقام النبوة نفسها!
وساعد على ترسيخ مكانة الخلافة مكانة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في النفوس، فصارت سيرتهما جزءا من المنظومة الحقوقية الإلهية تقرأ معها، فلا يكفي أن يتعهد الخليفة الجديد بالحكم بكتاب الله وسنة رسوله، بل يجب أن يتعهد أيضا بالعمل بسيرة الشيخين، وتلك مكانة لا مثيل لها، والشواهد على ذلك كثيرة، راجع على سبيل المثال مجلد 5 صفحة 15 من أنساب الأشراف للبلاذري، ومجلد 1 صفحة 26 من الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري.
وما قاله الشيخان، وما فعلاه، وما أقراه يقرأ مع المنظومة الحقوقية الإلهية وكأنه جزء منها.
فولاية العهد لا سند شرعي لها من الناحية الرسمية إلا فعل أبي بكر وعمر، حيث عهد أبو بكر لعمر، وعهد عمر للستة نظريا ولعثمان عمليا، راجع كتابنا النظام السياسي في الإسلام الباب الأول صفحة 147، ونظام الحكم للقاسمي، ومجلد 2 صفحة 428 من تاريخ الطبري، وصفحة 37 من سيرة عمر لابن الجوزي، وصفحة 85 مجلد 2 من تاريخ ابن خلدون، وصفحة 11 من الإمامة والسياسة لابن قتيبة، وصفحة 177 من المقدمة لابن خلدون.
وإذا غلب غالب جديد يسري هذا القانون لصالحه.