لا يتم إلا باقتحام عقاب وطئ مسافات بعيدة، أشد من العقبات التي يقتحمها المجاهد المناضل لفتح الجبال والقلل، والأمصار والبلدان، إلى درجة أن الشيخ الأعظم - وهو أستاذ الفقهاء والمجتهدين وقد عكف على كتبه العلماء واستضاء بنور علمه - الفضلاء يتمناه ويطلب منه سبحانه أن يرزقه.
فإذا كان هذا هو حال الشيخ الأعظم وهو يطلب الاجتهاد ويدعو الله سبحانه أن يرزقه، فما ظنك بغيره خصوصا الطبقة الجدد الذين لم يمارسوا الاجتهاد والاستنباط إلا في أبواب ومسائل يسيرة...
هذا كلامه قدس سره نقلناه بتصرف يسير فنقول:
إن استفراغ الوسع واستنفاد الجهد في استنباط أحكام الله سبحانه يتوقف على تحصيل علوم وإحراز صلاحيات ذكرها الفقهاء في أبحاث القضاء والاجتهاد والتقليد تحت عنوان " مبادئ الاستنباط " ونحن في غنى عن تكريرها للقارئ الكريم في هذا المقام مع ضيق المجال غير إنا نجب التركيز على أمرين مهمين كان يحث عليهما سيدنا الراحل آية الله البروجردي وكان عليهما نظام دراسته الفقهية.
1 - الوقوف على الآراء المطروحة في عصر الأئمة لا شك أن للآيات أسباب نزول يعبر عنها أحيانا بشأن النزول وهي تلعب دورا كبيرا في إيضاح مفاد الآيات وتبيين أهدافها وتلقي ضوءا على مضامينها ولا منتدح للباحث من الرجوع إليها إذا صحت إسنادها ووصلت إليه بطرق صحيحة.
نقول: كما أن للآيات هذه الحال، فكذا للروايات المأثورة عن أئمة أهل البيت مثل هذا فإنه لا تظهر أهدافها إلا بالمراجعة إلى الموجبات والأسباب التي بعثت الأئمة إلى إلقائها، فالمسائل المعنونة في أحاديثهم والأسئلة التي طرحت عليهم، والأجوبة التي أجابوا بها عنها، كانت مطروحة في مجتمعهم وبيئتهم إذ كان للصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم من الفقهاء وجلسوا منصة الفتيا، فيها آراء ونظريات وأقوال، فلم يكن للأئمة المعصومين عندئذ بد عن إبداء النظر في هذه المسائل إما ابتداء أو