قصر به عمله لم يبلغه حسبه ". (1) هذه نماذج من أقواله صلى الله عليه وآله وسلم استعرضناها على حضراتكم حول نبذ القومية والتركيز على القيم الأخلاقية.
وأما مواقفه العملية على هذا الصعيد فقد تلخصت في اهتمامه بالقيم الأخلاقية والإنسانية دون أن يعير أهمية للقومية المقيتة.
نرى أنه صلى الله عليه وآله وسلم طرد عمه أبا لهب مع صلته الوثيقة به من حيث الدم واللسان والتراب، وفي الوقت نفسه قرب سلمان الفارسي على الرغم من اختلافه معه في اللسان والدم والتراب. وما هذا إلا لأن أبا لهب كان على شفير جرف هار من المساوئ الأخلاقية وسلمان كان في أوج القيم والفضائل الإنسانية.
هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة المنورة ف آخى بين العبيد والسادة، فهذا هو " بلال الحبشي " كان عبدا أسود قد آخى رسول الله بينه وبين " خالد الخثعمي " من أكابر الصحابة، كما آخى بين " زيد " الرق مع عمه " حمزة "، وبين " عمار " و " حذيفة "، كل ذلك لأجل صهر الفوارق الطبقية الناشئة من القومية.
وقد أثرت التعاليم الإسلامية أثرها في القلوب إلى حد ارتقى كثير من الموالي إلى مناصب عالية وما كان لهم ذلك لولا الإسلام، فصار الموالي العجم يسيرون جنبا إلى جنب مع العرب في نشر الإسلام وإسعاد البشرية ونجاتها من براثن الوثنية.
وفي ضوء تلك التعاليم صارت المرأة المسلمة كفؤا للرجل المسلم دون نظر إلى قوميته وطائفته ولسانه.