بقلم عريض على تلك النزعات المقيتة، وقال: * (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) * (1).
والعجب أن هذه الآية إلى جانب اعترافها بجميع القوميات حيث تقول:
* (وجعلناكم شعوبا وقبائل) *. تعود وتفسر فلسفة هذه القوميات بقولها * (لتعارفوا) * أي خلقناكم أقواما وطوائف مختلفة للتعارف لا للتفاخر، للألفة لا للتناحر، للتعاون لا للتفرق، للخير لا للشر، وحصرت ملاك الفخر في التقوى وقالت: * (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) *.
هذه الآية المباركة وإن تكلم فيها المفسرون قديما وحديثا ولكنهم لم يركزوا على تلك النكتة التي صرحت بها، وهي أن الإسلام لا ينكر القومية بل يعترف بها ويراها من شؤون الخلقة التي تعلقت بها يد الجعل والقدرة وقال:
* (وجعلناكم شعوبا وقبائل) * ولكنه يتخذ القومية المعترفة ذريعة للفضائل، وهي التعارف والتجاذب والتعاون، لا ذريعة للتفاخر والتنازع.
إن نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم لم يقتصر على هذه الآية بل أعقبها بكلمه الطيب وحدد موقفه من القومية وأنها ليست ملاكا للافتخار وقال في بعض خطبه التاريخية: أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب * (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) * وليس لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى. (2) وقال في خطبة حجة الوداع: أيها الناس إن ربكم واحد، وأباكم واحد، ليس لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أبيض، ولا لأبيض على أحمر، فضل إلا بالتقوى. (3) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن العربية ليست بأب والد ولكنها لسان ناطق، فمن