وقد جسد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تلك المساواة بفعله حيث زوج بنت عمته زينب حفيدة عبد المطلب زعيم قريش، بعبد أسود يدعى زيد بن حارثة وكان لعمله هذا صدى واسع على نطاق الجزيرة العربية، وبذلك أزاح الجدار المزعوم بين العبيد والأشراف، حتى أن أخا زينب قدم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم - مندفعا من خلفيات عنصرية وطائفية - واعترض قائلا: أوليس هذا عارا حيث زوجت بنت بيت الشرف بعبد أسود؟!
فأجابه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: إن زوج زينب رجل مؤمن فهو كفؤ لزينب، ولما طلق زيد زوجته زينب وانفصم عقدهما، قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتدارك ما فات، فزوج زينب لنفسه ليثبت أن زواجها بزيد لم ينقص منها شيئا، فها هي اليوم زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الخليقة على الأرض.
وها نحن نذكر هنا حادثة طريفة وقعت في عصر الرسول، ينقلها الإمام محمد بن علي الباقر عليهما السلام وهي تعكس الفكرة الرائجة عند المسلمين.
قال: كان سلمان جالسا مع نفر من قريش في المسجد فأقبلوا ينتسبون ويرفعون في أنسابهم حتى بلغوا سلمان، فقال له بعض الحاضرين: أخبرني من أنت ومن أبوك وما أصلك؟ فقال: أنا سلمان بن عبد الله كنت ضالا فهداني الله عز وجل بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، وكنت عائلا فأغناني الله بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وكنت مملوكا فأعتقني الله بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم هذا نسبي وهذا حسبي، قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و سلمان رضي الله عنه يكلمهم، فقال له سلمان: يا رسول الله ما لقيت من هؤلاء جلست معهم فأخذوا ينتسبون ويرفعون في أنسابهم حتى إذا بلغوا إلي قال بعضهم: من أنت وما أصلك وما حسبك؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: فما قلت له يا سلمان؟ قال: قلت له: أنا سلمان بن عبد الله، كنت ضالا فهداني الله عز ذكره بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، وكنت عائلا فأغناني الله عز ذكره بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، وكنت مملوكا