والإمعان فيه يدلنا على التغاير في تطبيق معنى الولي، وذلك لأن الولاية في الآيتين ترجع إلى الحب والنصر وبما أنها متعددة حسب تعدد المحب و الناصر فهناك ولايات وأولياء، ولأجل ذلك أتى سبحانه بلفظ الجمع.
وأما الآية الثانية فهناك ولاية إلهية سماوية خصها سبحانه بالذات لنفسه وأفاضها بالتشريع على رسوله ومن جاء بعده ولذلك أتى بلفظ المفرد فيحمل على الولاية الملازمة للقيادة والزعامة.
وآخر كلمة أقدمها إلى الأستاذ، أنه لو كانت الولاية بمعنى الحب والنصر فما معنى تقييد الولي بإيتاء الزكاة وهم راكعون فإن كل مؤمن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ولي لأبناء أمته، زكى في حال الركوع أم لا، مع أننا نرى أنه سبحانه يشير إلى الولي بعلامة خاصة تميزه عن غيره وهو إيتاء الزكاة في حال الركوع، والركوع حقيقة في الصورة المعلومة منه في الصلاة لا في مطلق الخضوع إذ مع أنه خلاف الظاهر، ينافيه قوله سبحانه: * (يقيمون الصلاة) *.
على أن الأستاذ تفرد في تفسير الولاية بالتحالف، فإن أهل السنة يفسرونها بالود والحب والنصر - لاحظ التفسير الكبير للرازي.
هذا غيض من فيض وقليل من كثير مما أفاضه علماؤنا وأصحابنا في تفسير الآية وإن كان ما ذكرناه مقتبسا من أنوار علومهم. غفر الله للماضين من علماء الإسلام وحفظ الله الباقين منهم ورزقنا الله توحيد الكلمة كما رزقنا كلمة التوحيد.
والسلام عليكم وعلى من حولكم من الدعاة إلى الوحدة الإسلامية لترفرف في ظلها راية الإسلام خفاقة في ربوع العالم وأرجاء الدنيا بإذن منه سبحانه.
جعفر السبحاني مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام 1 / شعبان المعظم 1417 ه