الطلب من الله سبحانه أن يجعل ذريته أمة مسلمة ويريهم مناسكهم ويتوب عليهم بالرحمة. قال سبحانه حاكيا عنه عليه السلام * (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم) * (1).
6 - إن الخليل أنزل أسرته بأرض قاحلة عند البيت المحرم لغاية إقامة الصلاة، وفي الوقت نفسه طلب من الله سبحانه أن يوجه أفئدة الناس إلى هذا البيت لتلك الغاية السامية، قال سبحانه حاكيا عن الخليل: * (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) * (2).
7 - الحج تزهيد عن الدنيا واكتفاء من زخرفها وزبرجها بثوبين يرتدي بأحدهما ويتزر بالآخر ويردد في جميع الحالات الشكر والثناء امتثالا لأمره سبحانه: * (لعلهم يشكرون) * (3).
8 - الحج عمل رمزي لكثير من العبادات والطقوس الواردة في الشريعة المفروضة في ظروف خاصة، فصار الحج بمفرده مظهرا لها ومجسدا لكثير منها حيث نجد فيه الأعمال التالية المعربة عن جانبه العبادي، أعني: النية، الطهارة من الحدث والخبث، الصلاة، الصوم، الطواف بالبيت، الذبح لله، إطعام القانع والمعتر من اللحوم، الاعتكاف الذي يجسده الوقوف في المشاعر، ورجم الشيطان العدو الوحيد للإنسان الذي يوسوس في صدور الناس.
كل ذلك يعرب عن أن الحج عبادة لله وتقرب إليه يصل به الإنسان إلى مدارج الكمال.
غير أن كون الحج أمرا عباديا أو مجسدا لأكثر العبادات لا ينافي أن يشتمل على بعد آخر فيه حياة للمسلمين وقوام لعيشهم وإقامة لشؤونهم الاقتصادية