والاجتماعية والسياسية والعسكرية والحكومية، وهذا ما نعبر عنه بكون الحج ملتقى سياسيا تجتمع فيه هذه الآثار الحيوية، وهذا ما يدعمه أيضا الذكر الحكيم وتؤيده السنة النبوية وعمل المسلمين في القرون الإسلامية الأولى.
أما الآيات التي ترمز إلى تلك الأبعاد فنكتفي منها بما يلي:
ألف - قال سبحانه: * (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا) * (1) والمراد من كونه مثابة كونه مرجعا للناس والمسلمين عامة، ولأجل أن الحج عمل اجتماعي يجب أن يخيم عليه الأمن ويسيطر عليه السلام، حتى يقوم الناس بعمل اجتماعي لأهداف اجتماعية، قال سبحانه: * (ومن دخله كان آمنا) * (2)، وقال تعالى حاكيا عن خليله:
* (رب اجعل هذا بلدا آمنا) * (3).
فالحج بما أنه أمر اجتماعي وملتقى للشعوب المختلفة، بحاجة إلى استتباب الأمن والهدوء حتى يقوم كل إنسان وشعب ببيان فكرته ونظريته ولا يخاف من إنسان ولا دولة، ويتجلى الحج كمنبر حر للمسلمين كلهم، وهذا ما نعبر عنه بكونه عملا اجتماعيا.
وفي جانب ذلك فالحج ملتقى ثقافي يلتقي فيه المفكرون الكبار والعلماء في شتى الحقول، فيقومون بعرض الأطروحات والتجارب على الصعيد الثقافي والعلمي والاقتصادي كي تتعرف كل طائفة على ما عند الأخرى من الأفكار القيمة والنظريات المفيدة فيؤدي ذلك إلى التقاء الأفكار والاحتكاك بينها.
إذا الحج عمل اجتماعي وملتقى ثقافي وفي الوقت نفسه مؤتمر سياسي سنوي يجتمع فيه قادة المسلمين فيتشاورون في مهام الأمور بغية التنسيق والتعاون فيما بينهم ولعل إلى تلك الجوانب الثلاثة يشير قوله تعالى: * (جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس) * (4).