كان لي صديق في مكة المكرمة كنت أزوره عند تشرفي إلى زيارة بيت الله الحرام وكان يزاول حرفة بيع الأقمشة، سألني يوما ما تقولون أنتم معاشر الشيعة في آخر الصلاة بعد رفع الأيدي إلى الأذن؟ قلت: يقولون: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، فعاد يعتذر ويقول: كنت أعتقد أنكم تقولون: خان الأمين، خان الأمين، خان الأمين!!
فإذا كان هذا مبلغ علم المسلم بعقيدة أخيه الشيعي في قبة الإسلام، فما ظنك بمسلم يسود بينهما آلاف الفراسخ؟! وقد سألني عالم مكي من قضاة مكة المكرمة ومدرسي الحرم عندما نزلت بيته ضيفا مع أصدقائي، فقال: شيخنا السبحاني!! هل للشيعة تأليف؟ قلت: سبحان الله ليست الشيعة طائفة لا تاريخ لها ولا جذور، وإنما هي طائفة إسلامية منذ عصر النبي إلى يومنا هذا قد شاركوا المسلمين في تأسيس الحضارة الإسلامية العريقة.
ونأتي بمثال ثالث: إن الشيعة الإمامية اقتداء بالنبي وأئمة أهل البيت لا يسجدون في الصلاة إلا على الأرض أو ما ينبت منها، بشرط أن لا يكون مأكولا ولا ملبوسا، فبما أن السجود على الأرض في المنازل وحتى المساجد المفروشة غير ميسرة يتخذون أقراصا من التربة يسجدون عليها، فعند ذلك نرى أن بعض إخواننا من السنة يرمون الشيعة بالسجود للحجر والتراب كسجود عباد الوثن له مع أنهم لا يفرقون بين المسجود عليه والمسجود له، فالتراب هو المسجود عليه وأما المسجود له هو الله سبحانه.
وعلى ذلك فلو وقف فقهاء المذاهب على ما لدى الطوائف الأخرى من الفقه والأصول والاستدلال والاجتهاد لما عاب أحدهم الآخر، وإنما الخلاف في كيفية الاستدلال وحقيقة البرهان لا في الأخذ بالبرهان ولو أردنا أن نمثل في المقام لطال بنا الكلام وطال مقامنا مع الحضار.