الأحكام وما يتوقف امتثال التكاليف عليه، والعقل لا يرى تفاوتا بين حضور وقت العمل وقبل حضوره، أو بعد البلوغ وقبله بالنسبة إلى المراهق، إذ ليس وجوب المعرفة وجوبا مقدميا حتى يتوقف على وجوب ذيها، بل وجوب نفسي تهيئي. فالتعلم واجب نفسي غايته أنه لا لذاته بل للغير لا أنه واجب بالغير كما هو شأن وجوب المقدمة. فإذا كان وجوب التعلم وجوبا نفسيا للغير لا يتفاوت الحال فه بين حضور وقت العمل وقبله، إذا احتمل عدم التمكن منه بعده، وكذا الحال بالنسبة إلى ما قبل البلوغ إذا كان مميزا قابلا لتوجيه الخطاب نحوه، ولا يدور الحكم العقل بوجوب التعلم قبل الوقت مدار عدم التمكن منه واقعا بعد الوقت. بل يكفي في مناط حكم العقل مجرد احتمال عدم التمكن منه احتمالا عقلائيا كما لا يخفى. وهذا مما لا ينبغي الشك فيه، إنما الاشكال في أنه هل تجب تعلم القراءة عينا، كما هو ظاهر إطلاق الأصحاب أو أنه مخير بينه وبين الائتمام أو متابعة القارئ كما اختاره الشيخ (1) - قدس سره - في صلاته وإن وافق الأصحاب في الرسائل العملية؟
ربما يتوهم أنه لا وجه للوجوب العيني بعد عدم وجوب الصلاة فرادى عينا، بداهة أنه لا يتعين على المكلف الصلاة فرادى بل هو مخير بينها وبين الصلاة جماعة، سواء قلنا بالتخير العقلي أو الشرعي مع عدم خلو الواقع عن أحدهما إذ لا يمكن أن يقال بعدم كون الصلاة جماعة من أحد فردي التخيير بل هي مسقطة للواجب لا أنها واجبة، إذ لا إشكال في اشتمال الصلاة جماعة على المصلحة الصلاتي وليست من الأمور الأجنبية الخارجة المسقطة للواجب بل هي من أفضل أفراد الصلاة، ومعه لا محيص في عالم الثبوت من أن تكون أحد فردي التخيير