واعترض جمال الدين في حاشية الروضة بأن هذا التحقيق ذكره الشارح وغيره في خصوص الوضوء ولو جعل بناءه على ما ذكره فلا اختصاص له بالوضوء (1)، انتهى.
وقال بعد حكاية الحاشية الأولى عن السلطان: ولا يخفى ما فيه، لأنه إذا وجب عليه الوضوء لوجوب الصلاة فكيف يكون مستحبا؟ ولعل مراده أن للوضوء في كل وقت غاية يستحب الوضوء لها كالكون على الطهارة فحينئذ يجوز للمكلف الإتيان بالوضوء المندوب لها وإن وجب أيضا عليه لغاية أخرى، وحينئذ فقصد الندب فيه ليس بمعنى كونه مندوبا في نفسه مطلقا حتى يكون فاسدا باعتبار كونه واجبا بل بمعنى كونه مندوبا لتلك الغاية.
والحاصل: أنه يقصد الوضوء ندبا للكون على الطهارة لكون الوضوء مندوبا له من غير قصد إلى كونه واجبا عليه من جهة أخرى، ولا دليل على عدم جواز الوضوء على هذا الوجه.
واعلم أن القول بأن الوضوء في حال واحد لا يكون واجبا وندبا مشهور بين الأصحاب، والظاهر أن مرادهم أنه لا يجوز الوضوء بقصد الندب مع اشتغال الذمة بواجب مشروط به، ويتوجه عليه ما أشرنا إليه، إلا أن يقال إن بناء كلامهم على اشتراط قصد الوجوب والندب والنية بمعنى وجوب قصد حال الفعل في نفسه مطلقا من غير نظر إلى خصوص غاية غاية، إذ لا شك في وجوب الوضوء عليه حال اشتغال ذمته بمشروط به، فإذا وجب عليه ولم يقصد ذلك وقصد الندب باعتبار بعض غاياته لم يصح،