حديث الزنديق الذي جاء إليه مستدلا بآيات من القرآن قد اشتبهت عليه، وفيه قوله عليه السلام: " فكان أول ما قيدهم به الإقرار بالوحدانية والربوبية وشهادة أن لا إله إلا الله، فلما أقروا بذلك تلاه بالإقرار لنبيه صلى الله عليه وآله بالنبوة والشهادة برسالته، فلما انقادوا بذلك فرض عليهم الصلاة، ثم الصوم، ثم الحج... الخبر (1).
والجواب: أنا لا نقول بكون الكفار مخاطبين بالفروع تفصيلا، كيف، وهم جاهلون بها غافلون عنها؟! وكيف يعقل خطاب منكري الصانع والأنبياء؟! وعلى تقدير الالتفات فيستهجن بل يقبح خطاب من أنكر الرسول بالإيمان بخليفته والمعرفة بحقه وأخذ الأحكام منه، بل المراد أن المنكر للرسول صلى الله عليه وآله مثلا مخاطب بالإيمان به (2) والائتمار بأوامره والانتهاء عن نواهيه، فإن آمن وحصل ذلك كله كان مطيعا، وإن لم يؤمن ففعل المحرمات وترك الواجبات عوقب عليها كما يعاقب على ترك الإيمان لمخاطبته بها إجمالا وإن لم يخاطب تفصيلا بفعل الصلاة وترك الزنا ونحو ذلك لغفلته عنها، نظير ذلك: ما إذا أمر الملك أهل بلد نصب لهم حاكما بالإذعان بولايته من قبل الملك والانقياد له في أوامره ونواهيه المسطورة في طومار بيده، فلم يذعن تلك الرعية لذلك الحاكم ولم يلتفتوا إلى ذلك الطومار ولم يطلعوا عليه أصلا، فاتفق وقوعهم من أجل ذلك في كثير من النواهي وترك الأوامر الموجودة فيه، فإنه لا يقبح عقابهم على كل واحد واحد من تلك المخالفات، لكفاية الخطاب الإجمالي مع تمكن المخاطب من المعرفة التفصيلية.