اشتراط التكليف بسبق معرفة إلهية الخالق وبأن له رضا وسخطا، وبأنه لا بد له من معلم من جهته ليعلم الناس ما يصلحهم ويفسدهم.
وحاصل الجواب: أن المنفي في الأخبار المذكورة هو خطاب الكافر تفصيلا بما لا يعقل امتثاله إلا بعد امتثال التكليف الذي أقام المخاطب على مخالفته كخطابه بالفرائض الإلهية مع عدم تصديقه رسالة من يخاطبه بذلك، فإن ذلك مستهجن جدا كما أشار إليه الإمام عليه السلام في الصحيحة الأولى بقوله: " وكيف يجب معرفة الإمام " (1)، وفي الرواية الثانية بقوله: " أترى أن الله طلب من المشركين " (2). والذي نثبته هو تكليفه بتصديق النبي والانقياد لأوامره ونواهيه.
ثم إن ما عدا الصحيحة لا ظهور لها في عدم تكليف الكفار بالفروع، وإنما تدل على تدرج تبليغ التكاليف كما هو صريح قوله عليه السلام في رواية الاحتجاج: " فرض عليهم الصلاة... الخ " (3)، وهذا لا مساغ لإنكاره كما يظهر من الأخبار المتظافرة، ولا دخل له بمخالفة مذهب المشهور فإن التكليف بالزكاة والحج وإن حدث بعد التكليف بالصلاة إلا أنه بعد الحدوث لم يكن مختصا بالمصلين بحيث لا يكون غيرهم مخاطبا بالحج والزكاة.
وقد ظهر مما ذكرنا في دفع إشكال صاحب الذخيرة: ضعف استدلال صاحب الحدائق على مطلبه: بأن تكليف الكفار بالفروع تكليف بما لا يطاق (4).