توضيح الفساد: أنه لو فرض الأمر متعلقا بعنوان التطهير أعني رفع الحدث أو استباحة الصلاة كان ذلك الأمر توصليا قطعا، إذ لا يقصد منه عدا حصول التطهير في الخارج ولو لم يقصده ولم يشعر به، إذ بعد حصوله على أي وجه يسقط الأمر جزما، فالمأمور به بالأمر التعبدي المدخل له في العبادات المعتبر فيها قصد القربة هي الأفعال التي تصير سببا لحصول التطهر في الخارج بعد إتيانها في الخارج منويا بها - بعد تعينها بجميع مشخصاتها - التقرب إلى الله تعالى.
ونظير الأمر بالتطهر كل أمر يعنون بعنوان مترتب على عبادة، كأوامر الإطاعة وما في معناها كقول الآمر: " أبرئ ذمتك مما عليك "، فإن هذه كلها أوامر توصلية لم تصدر لغرض التعبد بمضمونها وإنما أريد حصول مضمونها في الخارج.
فتحصل مما ذكرنا: أن الفعل المأمور به على جهة التعبد لم يؤخذ فيه رفع الحدث، والذي أخذ فيه رفع الحدث لم يؤمر به على جهة العبادة.
ومن هنا أيضا يظهر ضعف ما استدل به في المعتبر (١) والمنتهى (٢) وغيرهما (٣) على اعتبار الاستباحة - التي تتحقق تارة برفع المانع وهو الحدث وأخرى برفع منعه كما في المستحاضة والسلس ونحوهما - بقوله تعالى: ﴿إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم﴾ (4)، قالوا: إن الظاهر منه كون ذلك