العمل راجيا أو خائفا متقرب (1) وإن كان الداعي إلى فعله هو الخوف، فالعامل لأجل الخوف مستحق للثواب لقربه وإن لم يقصد بعمله (2) حصول الثواب، فإن من عظم السلطان خوفا يستحق ما يستحقه الطامعون، وليس هذا إلا لاستحقاقه المدح، ولذا مدح الله الراجين والخائفين، فما ذكره العلامة في أجوبة المسائل من أن هذا الشخص لا يسمى جوادا (3) حق، إلا أنه يوصف بحسن اليقين وكونه مطمئنا بما وعد الله خائفا مما أوعده غير مغرور بملاذ الدنيا، ولا ريب في استحقاق هذا الشخص للمدح والثواب.
نعم، من خاف ولم يرد بعمله دفع الخوف ولم يرد بعمله جلب المرجو، بل عمل لله ورجى الدفع والجلب من تفضله لا مجازاته، كان أعلى مرتبة من ذلك.
ولا ينبغي دعواها إلا لمن ادعاها بقوله صلوات الله عليه: " ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك " (4)، والمراد إني وإن كنت طامعا خائفا لكن لا أريد بعبادتي جلب المرجو ولا دفع المخوف.
هذا كله مضافا إلى الآيات والأخبار الواردة في بيان ثواب الطاعات وعقاب العاصي، والأمر بتحصيل ثواب الله ودفع العقاب، مضافا إلى ما دل (5) على أن العبادة على ثلاثة: عبادة الأجراء، وعبادة العبيد، وعبادة