إذا كان الفعل مستحبا في حق كل منهما، وهذا ليس محرما ولا مكروها، وأما محل الكلام وهو مجرد صدور الفعل منهما معا وإن لم يقصد شريكه العبادة، بل أعانه لغرض آخر من طمع أو خوف، فلا يدخل تحت المنهي عنه، ألا ترى أن الإشراك مع الغير في بناء المسجد لأجرة جعلت له أو لغرض آخر غير التقرب إلى الله تعالى لا يعد من الإشراك في العبادة؟
فتحصل أن محل الكلام ومدلول الآية متغايران.
وإن كان الاستدلال بملاحظة ما ورد في تفسيرها، ففيه:
أولا: أن الأخبار متعارضة في تفسيرها، ففي رواية جراح المدائني عن أبي عبد الله عليه السلام: " أن الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه الله وإنما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به الناس، فهذا الذي أشرك بعبادة ربه أحدا " (1)، ولا ريب أن إرادة ما نحن فيه وإرادة هذا المعنى، لا يجتمعان في الآية من حيث استعمال اللفظ فيهما، لأن مرجع الإشراك فيما نحن فيه إلى إشراك الغير في العابدية ومرجعه في رواية جراح المدائني إلى إشراك الغير في العبودية (2)، والجمع بينهما في استعمال واحد مما لا يجوز، ولا جامع بينهما، فلا بد من ترجيح أحد التفسيرين، والأوفق بظاهري النهي والعموم هو ما في رواية جراح.
وثانيا: أن الأخبار الواردة في تفسير الآية فيما نحن فيه أظهر في الكراهة.
أما الروايتان المذكورتان هنا، فلأن الظاهر المتعارف بين أهل الكبر