والذي ينبغي أن يقال: إنه إما أن يراد من " الوجوب والندب المجعولين غاية " الشرعيان، وهو طلب الشارع على وجه الحتم أو عدمه، فهو راجع إلى جعل الغاية موافقة إرادة الله التي هي عين القربة المجعولة غاية بالاتفاق، فالقربة مغنية عنه كما أنه مغن عنها، ولذا احترز في النهاية عن إتيان الفعل لوجوبه أو ندبه أو وجههما عن الإتيان به للرياء وطلب الثواب (1)، وحكى هذا الاحتراز في الروض (2) عن بعض تحقيقات الشهيد قدس سره وإن تأمل فيه الحاكي.
وإما أن يراد بهما العقليان الثابتان للأفعال في أنفسها مع قطع النظر عن أمر الشارع كما هو ظاهر إطلاقات المتكلمين مثل قولهم: إنه يشترط في التكليف زيادة على حسن الفعل - يعني عدم الحرج - أن يكون فيه صفة، بأن يكون واجبا أو مندوبا إن كان التكليف بفعل [و] (3) يشترط أيضا علم المكلف بصفات الفعل لئلا يأمر باجتناب واجب أو مندوب (4) إلى غير ذلك من موارد استعمال الوجوب والندب، وصرح به الشيخ أيضا في مواضع من العدة، قال في إثبات النسخ ما لفظه: إن الشئ لا يجب بإيجاب موجب وإنما يجب بصفة هو عليها تقتضي وجوب ذلك الشئ، وإنما يدل إيجاب الحكيم على أن له صفة الوجوب لا بأن يصير واجبا بإيجاب لأن إيجاب ما ليس له صفة الوجوب يجري في القبح مجرى إيجاب الظلم