أقول: تقرير الإشكال هنا من وجهين:
أحدهما: كون الفعل الواحد محكوما بالوجوب والاستحباب وإن لم يعتبر نية الوجه.
الثاني: امتناع نية الوجوب والندب معا في الفعل الواحد، ومنشأ التنافي هو الأول.
ثم إنه قد تقرر في موضعه عدم اجتماع حكمين فعليين على فعل واحد، سواء كانا متضادين كالوجوب وغيره أم متماثلين كوجوبين ونحوهما.
فكما أن اتصاف غسل واحد بالوجوب والاستحباب الفعليين لا يجوز فكذا لا يجوز اتصافه بوجوبين، وكما يمكن اجتماع جهتي وجوبين في فعل واحد بأن يكون عنوانا لكليين واجبين كذلك يمكن اجتماع جهتي وجوب وندب فيه، كإطاعة الوالد وإجابة الصديق المجتمعين في فعل واحد، ولا ريب أن غسل الجمعة وغسل الجنابة إذا قلنا بكونهما مفهومين متصادقين - كما يظهر من رواية الحقوق (1) - كان مصداقهما مجمعا لجهتي الوجوب والندب لا لنفس الوجوب والندب الفعليين، بل الفعل متصف فعلا بالوجوب دون الاستحباب، لأن وجود الجهة المانعة من الترك لا يزاحمه وجود جهة أخرى غير مانعة من الترك بخلاف العكس، وحينئذ فإن اعتبرنا في العبادة نية الوجوب أو الندب لم ينو هنا إلا الوجوب، ولو اكتفينا بنية وجههما بالمعنى المتقدم في مسائل النية نواهما معا.
ويمكن تطبيق ما ذكرنا على جميع ما ذكره الشهيد، فإن مراده من لغوية نية الندب: عدم الفائدة فيه، لأن الفعل غير متصف بالفعل