استحبابا فأكرم رجلا كان إكرامه إكراما لهما بقصد امتثال الأمرين، ولا يعد مثل ذلك من اجتماع الحكمين المتضادين أعني الوجوب والاستحباب، لأن المجتمع هو جهتهما لا أنفسهما، كما إذا أتى بفرد واحد يكون مصداقا لواجبين، فإن المثلين كالضدين لا يجتمعان.
ثم إن هذا يشكل بناء على اعتبار نية الوجه في الواجبات والمستحبات، فإن نية الأمرين هنا غير ممكنة، ولهذا استشكل نية الجميع في المقام بعضهم وأبطلها آخرون، ففي محكي الجامع في هذا المقام: وإن نوى (1) الواجب والمندوب قيل: يجزي عنهما، وقيل: لا يجزي، لأن الفعل الواحد لا يكون واجبا وندبا (2)، انتهى.
وجزم العلامة في كثير من كتبه بالبطلان (3)، وعلله في المختلف بأنه إن نوى الوجوب عن الجمعة والجنابة لا يجزي (4)، لأنه نوى الوجوب عما (5) ليس بواجب، وإن نوى الندب لم يوقع غسل الجنابة على وجهه، وإن نواهما معا كان الفعل الواحد قد نوى فيه (6) الوجوب والندب (7) فلا يقع عليهما ولا على أحدهما، لأنه ترجيح بلا مرجح (8)، انتهى.