تحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة وذلك بالمدينة في السنة الثانية من الهجرة.
روى ابن سعد في الطبقات ان رسول الله ص كان يصلي وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه ولما هاجر إلى المدينة صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا وكان يحب ان يصرف إلى الكعبة وجعل إذا صلى إلى بيت المقدس يرفع رأسه إلى السماء فنزلت: قد نرى تقلب وجهك في السماء الآية وكان قد صلى ركعتين من الظهر في مسجده ثم أمر ان يوجه إلى المسجد الحرام فاستدار إليه ودار معه المسلمون ويقال بل كان ذلك في بني سليم فسمي المسجد مسجد القبلتين.
وفادات العرب على رسول الله جعلت قبائل العرب بعد ظهور الاسلام ترسل وفودها إلى النبي ص بالمئات والعشرات والجماعة والآحاد بعضها مسلمة وبعضها على شركها فمنها من يسلم فورا ومنها بعد مدة ومنها يبقى على شركه وهو القليل ومن يسلم يعود إلى قومه فيسلمون كلهم أو بعضهم أو يبقون على شركهم ومنهم من يبايع على قومه ولهم اخبار حسان يعرف منها كثير من أخلاق العرب وعاداتهم ووفائهم ويعرف من سيرته ص معهم فضيلة الاسلام وشئ كثير من السياسة الاسلامية الباهرة التي أوجبت انتشار الاسلام بسرعة فيهم وفي غيرهم فكان ص يكرمهم ويوسع لرؤسائهم في المجالس ويجلسهم بجانبه ويؤنسهم بالحديث ويسألهم عن أهاليهم وبلادهم ويغير أسماءهم بأحسن كعبد العزى بعبد الله وغوي براشد ويدعو لهم ويحلم عن جاهلهم ويعفو عن مسيئهم ويطلق لهم أسراهم ويضيف كثيرا منهم ويعطيهم الجوائز ويتألفهم مهما أمكن ويزجر من تعدى طوره منهم بما يخالف الشريعة الاسلامية ويأمر من يرسله لقبض زكاتهم ان يأخذها من أغنيائهم فيردها على فقرائهم وقد ذكرهم وذكر اخبارهم محمد بن سعد كاتب الواقدي في الطبقات الكبير مسندة مفصلة واكتفينا هنا بالإشارة الاجمالية إلى أكثرهم وذكر شئ من اخبارهم مما فيه عظة وعبرة وفوائد جلى مع حذف الأسانيد خوفا من التطويل وأشرنا إلى بعض ما في تلك الأخبار من الفوائد والعبر وتركنا ذكر البعض ممن ذكره ابن سعد.
اما سرد الوفود التي ذكرها محمد بن سعد كاتب الواقدي في الطبقات الكبير وذكر اخبارها مفصلة مسندة فهي: وفد مزينة. وفد أسد.
وفد تميم. وفد عبس. وفد فزارة. وفد مرة. وفد ثعلبة. وفد محارب.
وفد سعد بن بكر. وفد كلاب. وفد رؤاس بن كلاب. وفد عقيل بن كعب. وفد جعدة. وفد قشير بن كعب. وفد بني البكاء. وفد كنانة.
وفد أشجع. وفد باهلة. وفد سليم. وفد هلال بن عامر. وفد عامر بن صعصعة. وفد ثقيف وفود ربيعة وفد عبد القيس. وفد بكر بن وائل.
وفد تغلب. وفد حنيفة. وفد شيبان وفادات أهل اليمن. وفد طئ.
وفد تجيب. وفد خولان. وفد جعفي. وفد صداء. وفد مراد. وفد زبيد.
وفد كندة. وفد الصدف. وفد خشين. وفد سعد هذيم. وفد بلي.
وفد بهراء. وفد عذرة. وفد سلامان. وفد جهينة. وفد كلب. وفد جرم.
وفد الأزد. وفد غسان. وفد الحارث بن كعب. وفد همدان. وفد سعد العشيرة. وفد عنس. وفد الداربين. وفد الرهاويين حي من مذحج وفد غامد. وفد النخع. وفد بجيلة. وفد خثعم. وفد الأشعرين.
وفد حضرموت. وفد أزد عمان. وفد غافق. وفد بارق. وفد دوس.
وفد ثمالة والحدان. وفد أسلم. وفد جذام. وفد مهرة. وفد حمير.
وفد نجران. وفد حيشان. وفد السباع. اما ما اخترناه من اخبار أكثرهم من طبقات ابن سعد بحذف الأسانيد.
فأول من وفد على رسول الله ص وفد مزينة سنة خمس. أربعمائة رجل فقال لهم أنتم مهاجرون حيث كنتم فارجعوا إلى أموالكم فرجعوا إلى بلادهم. وفيه من الحكمة وحسن السياسة ما لا يخفى وبايعه رجل منهم اسمه خزاعي على قومه فلم يجدهم كما ظن فلم يرجع فقال رسول الله ص لحسان أذكر خزاعيا ولا تهجه فقال أبياتا أولها:
- الا أبلغ خزاعيا رسولا * بان الذم يغسله الوفاء - فقال يا قوم قد خصكم شاعر الرجل فاسلموا وفيه من الدعاء إلى سبيل الله بالحكمة ومن مزية الشعر ما هو ظاهر.
ووفد جهينة لما قدم المدينة وفيهم عبد العزى بن بدر فسماه عبد الله واخوه لأمه أبو روعة فقال له رعت العدو انش وقال من أنتم قالوا بنو غيان قال أنتم بنو رشدان وكان اسم واديهم غوى فسماه رشدا وخط لهم مسجدهم وهو أول مسجد خط بالمدينة.
ووافد بني سعد بن بكر: في رجب سنة خمس أرسلوا وافدا إليه ص فاغلظ في المسألة سأله عمن أرسله وبما أرسله وعن شرائع الاسلام فاجابه عن ذلك كله فرجع مسلما فما امسى في حاضره رجلا ولا امرأة إلا مسلما وبنوا المساجد وأذنوا.
ووفد أشجع سنة خمس، مائة وقيل سبعمائة وقيل بعد ما فرع من بني قريظة نزلوا شعب سلع فخرج إليهم رسول الله ص وامر لهم باحمال التمر ووادعهم ثم أسلموا.
ووفد ثعلبة سنة ثمان. أربعة نفر فامر لهم بضيافة وأجازهم.
ووفد بني قشير بن كعب سنة ثمان بعد حنين فاسلموا فاقطع بعضهم وأعطي بعضهم وكساه بردا وولاه صدقات قومه واسمه قرة بن هبيرة فقال:
- حباها رسول الله إذ نزلت به * وأمكنها من نائل غير منفذ - - فأصبحت بروض الخضر وهي حثيثة * وقد أنجحت حاجاتها من محمد - - عليها فتى لا يردف الذم خلفه * تروك لأمر العاجز المتردد - ووافد باهلة بعد الفتح سنة ثمان فأسلم وأخذ لقومه أمانا وكتب له رسول الله ص كتابا فيه فرائض الصدقات وقدم عليه آخر منهم فأسلم وكتب له ولمن أسلم من قومه كتابا فيه شرائع الاسلام.
ووفد أسد أول سنة تسع وكانوا عشرة قال له بعضهم: أتيناك نتدرع الليل البهيم في سنة شهباء ولم تبعث إلينا بعثا فنزل فيهم: يمنون عليك ان أسلموا.
ووفد تميم سنة تسع. تسعون أو ثمانون من رؤسائهم فيهم عطارد بن حاجب والزبرقان بن بدر وقيس بن عاصم والأقرع بن حابس وعمرو بن الأهتم وغيرهم وكان ص ارسل رجلا على صدقات بني كعب من خزاعة فاستنكر ذلك بنو تميم وأرادوا المحاربة فقدم المصدق على النبي ص فأخبره فأرسل إليهم خمسين فارسا من العرب فأسروا منهم وسبوا فجاء رؤساؤهم إليه ص في فكاك أسراهم فنادوا يا محمد اخرج إلينا فنزلت: ان الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون فقال الأقرع بن