بجميع ما وصته به فغسلها في قميصها واعانته على غسلها أسماء بنت عميس. قال ابن عبد البر في الاستيعاب: غسلها علي بن أبي طالب مع أسماء بنت عميس. وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن أسماء بنت عميس قالت غسلت انا وعلي فاطمة بنت رسول الله ص اه وكان علي هو الذي يباشر غسلها وأسماء تعينه على ذلك وبهذا يرتفع استبعاد بعضهم أن تغسلها أسماء مع علي وهي أجنبية عنه لأنها كانت يومئذ زوجة أبي بكر وفي بعض الأخبار أنه أمر الحسن والحسين ع يدخلان الماء ولم يحضرها غيره وغير الحسنين وزينب وأم كلثوم وفضة جاريتها وأسماء بنت عميس: قال ابن عبد البر في الاستيعاب: فلما توفيت جاءت عائشة تدخل فقالت أسماء لا تدخلي فشكت إلى أبي بكر فقالت أن هذه الخثعمية تحول بيننا وبين بنت رسول الله ص وقد جعلت لها مثل هودج العروس فجاء فوقف على الباب فقال يا أسماء ما حملك على أن منعت أزواج النبي ص أن يدخلن على بنت رسول الله ص وجعلت لها مثل هودج العروس فقالت أمرتني أن لا يدخل عليها أحد واريتها هذا الذي صنعت وهي حية فامرتني أن اصنع ذلك لها قال أبو بكر فاصنعي ما امرتك ثم انصرف اه وكفنها علي ع في سبعة أثواب وحنطها بفاضل حنوط رسول الله ص ثم صلى عليها وكبر خمسا ودفنها في جوف الليل وعفى قبرها ولم يحضر دفنها والصلاة عليها الا علي والحسنان ع وعمار والمقداد وعقيل والزبير وأبو ذر وسلمان وبريدة ونفر من بني هاشم وخواص علي ع.
واختلف في موضع دفنها فقيل دفنت في بيتها وهو الأصح الذي يقتضيه الاعتبار وقيل دفنت في البقيع وسوى علي ع حول قبرها قبورا مزورة حتى لا يعرف أحد موضعه. وروى ابن سعد في الطبقات أنه نزل في حفرة فاطمة العباس وعلي والفضل. وروى عدة روايات بعدة أسانيد أن عليا ع هو الذي صلى عليها. وروى ابن سعد أيضا روايات كثيرة بعدة أسانيد عن الزهري أن عليا ع دفن فاطمة بنت رسول الله ص ليلا.
وبسنده عن جابر عن الباقر ع قال دفنت فاطمة ليلا. وروى أيضا عدة روايات عن موسى بن علي عن بعض أصحابه وعن عائشة وعن يحيى بن سعيد أن فاطمة دفنت ليلا بسنده عن علي بن الحسين قال سالت ابن عباس متى دفنتم فاطمة فقال دفناها بليل بعد هدأة قلت فمن صلى عليها قال علي. وروى الحاكم بسنده عن عائشة قالت دفنت فاطمة بنت رسول الله ص ليلا ولم يشعر بها أبو بكر حتى دفنت وصلى عليها علي بن أبي طالب وقال ابن عبد البر في الاستيعاب صلى عليها علي بن أبي طالب وهو الذي غسلها مع أسماء بنت عميس وكانت أشارت عليه أن يدفنها ليلا. وأورد السمهودي في وفاء الوفا باخبار دار المصطفى عدة روايات دالة على أنها دفنت ليلا ومنها ما حكاه عن البيهقي أنه قال وقد ثبت أن أبا بكر لما يعلم بوفاة فاطمة ع لما ثبت في الصحيح أن عليا دفنها ليلا ولم يعلم أبا بكر. وعن الطبري في دلائل الإمامة عن محمد بن همام أن عليا ع دفنها بالروضة وعمى موضع قبرها قال وأصبح البقيع ليلة دفنت وفيه أربعون قبرا جدد. وروي أن أمير المؤمنين قام بعد دفنها ع فحول وجهه إلى قبر رسول الله ص ثم قال: السلام عليك يا رسول الله عني وعن ابنتك وزائرتك النازلة في جوارك والبائتة في الثرى ببقعتك والمختار الله لها سرعة اللحاق بك قل يا رسول الله عن صفيتك صبري ورق عنها تجلدي الا أن في التأسي بعظيم فرقتك وفادح مصيبتك موضع تعز فلقد وسدتك في ملحود قبرك وفاضت بين نحري وصدري نفسك بلى وفي كتاب الله لي نعم القبول إنا لله وانا إليه راجعون قد استرجعت الوديعة واخذت الرهينة واختلست الزهراء فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله اما حزني فسرمد واما ليلي فمسهد إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم كمد مقيح وهم مهيج سرعان ما فرق بيننا وإلى الله أشكو وستنبئك ابنتك بتضافر أمتك على هضمها فأحفها السؤال واستخبرها الحال فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين والسلام عليكما سلام مودع لا قال ولا سئم فان انصرف فلا عن ملالة وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين واها واها والصبر أيمن وأجمل ولولا غلبة المستولين لجعلت المقام واللبث لزاما معكوفا ولاعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية فبعين الله تدفن ابنتك سرا وتهضم حقها وتمنع ارثها ولم يطل العهد ولم يخلق منك الذكر إلى الله يا رسول الله المشتكى وفيك يا رسول الله أحسن العزاء صلى الله عليك وعليك وعليها السلام والرضوان. ولما دفنها علي ع قام على شفير القبر فانشا يقول وقال الحاكم في المستدرك لما ماتت فاطمة قال علي بن أبي طالب:
- لكل اجتماع من خليلين فرقة * وكل الذي دون الفراق قليل - - وان افتقادي فاطما بعد احمد (1) * دليل على أن لا يدوم خليل - وعن الطبري في دلائل الإمامة عن محمد بن همام أن المسلمين لما علموا وفاتها جاءوا إلى البقيع فوجدوا فيه أربعين قبرا فاشكل عليهم موضع قبرها من سائر القبور فضج الناس ولام بعضهم بعضا وقالوا لم يخلف نبيكم فيكم الا بنتا واحدة تموت وتدفن ولم تحضروا وفاتها والصلاة عليها ولا تعرفوا قبرها ثم قال ولاة الأمر منهم هاتوا من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتى نجدها فنصلي عليها ونزور قبرها فبلغ ذلك أمير المؤمنين ع فخرج مغضبا قد احمرت عيناه ودرت أوداجه وعليه قباؤه الأصفر الذي كان يلبسه في كل كريهة وهو متكئ على سيفه ذي الفقار حتى ورد البقيع فسار إلى الناس النذير وقالوا هذا علي بن أبي طالب قد اقبل كما ترونه يقسم بالله لئن حول من هذه القبور حجر ليضعن السيف على غابر الآخر فتلقاه بعضهم فقال له ما لك يا أبا الحسن والله لننبشن قبرها ولنصلين عليها فضرب علي ع بيده إلى جوامع ثوبه فهزه ثم ضرب به الأرض وقال اما حقي فقد تركته مخافة أن يرتد الناس واما قبر فاطمة فوالله الذي نفس علي بيده لأن رمت وأصحابك شيئا من ذلك لأسقين الأرض من دمائكم فان شئت فاعرض فتلقاه آخر فقال يا أبا الحسن بحق رسول الله وبحق من فوق العرش الا خليت عنه فانا غير فاعلين شيئا تكرهه فخلى عنه وتفرق الناس ولم يعودوا إلى ذلك.
ما اثر عنها من الحكم روى ابن شهرآشوب في المناقب عن الحسن البصري أن النبي ص قال لفاطمة ع أي شئ خير للمرأة قالت: إن لا ترى رجلا ولا يراها رجل فضمها إليه وقال ذرية بعضها من بعض وروى أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء بسنده عن انس قال رسول الله ص ما خير للنساء فلم ندر ما نقول فسار علي إلى فاطمة فأخبرها فقالت فهلا قلت له خير لهن أن لا يرين الرجال ولا يرونهن فرجع فأخبره بذلك فقال له من علمك هذا قال فاطمة قال إنها بضعة مني. قال ورواه سعيد بن المسيب عن علي نحوه. ثم روى