الحق هو الأول، لصريح الأمر - الذي هو حقيقة في الوجوب - به في الصحاح. ووروده في محل توهم المنع ممنوع، كيف؟! وهو موقوف على ثبوت تقدم المطلقات المانعة عن القراءة خلف الإمام بدون القرينة المقيدة، على صدور الأخبار المفصلة، ومن أين علم ذلك؟! مع أن صرف الأمر عن حقيقته بو روده في المحل المذكور ممنوع عند أهل التحقيق وإن قال به جماعة.
دليل المخالف: صحيحة ابن يقطين السابقة (1)، الظاهرة في تساوي الطرفين في الراجحية والمرجوحية، فبها تخرج الأوامر عن حقيقتها لو أفادت الوجوب، مع أنها - لما مر - ممنوعة.
وزاد القائل بالاستحباب أنه يتحمل المسامحة، فيثبت الرجحان باشتهاره ولو في ضمن الايجاب عند الطائفة.
ويضعف: بأن الصحيحة متضمنة للفظ سماع القراءة الذي هو بدون القرينة ظاهر في سماع الكلمات والحروف بل حقيقة فيه، فعدمه أعم من سماع الهمهمة وعدمه، فهي أعم من أخبار الوجوب فتخصص بها قطعا، ويحمل الجواز مع التساوي أو الرجحان على صورة عدم سماع القراءة وسماع الهمهمة خاصة، كما فعله في المبسوط والنهاية والتهذيب والاستبصار (2)، والواسطة والشيخ ابن نما.
ومنع إفادتها الوجوب لما مر ضعيف، كما مر.
فرع: هل يجب أن يجهر المأموم بالقراءة حينئذ وكذا فيما إذا قرأ مع سماع القراءة، أم لا؟
الظاهر: التخيير، إذ لا تجري أدلة الجهر في جميع مواضعه التي منها هنا إلا بالاجماع المركب، وتحققه هنا غير معلوم.
الثالثة: لا تجب القراءة في أوليي الصلاة الاخفاتية أيضا، إجماعا محققا ومحكيا عن جميع من سبق في الجهرية فتوى ونصا، ويدل عليه جميع ما تقدم فيها