أنه علق الحكم في بعض روايات أخر بالسير الذي هو أعم من صدق السفر.
ومنه ينقدح الاشكال في اشتراطه، مع أنه على فرض اشتراطه فانتفاء صدقه في الصورتين محل نظر، فيحصل الشك في دخولهما تحت الحكم. ولكن ندرة هذين الفردين من أفراد سير المسافة توجب الشك فيه أيضا، فإن القرائن الحالية الموجودة حال الخطاب تصرفه عن ظاهره، كما أنها توجب الشك في دخولهما تحت حكم الحاضر أيضا، فالأظهر فيهما العمل بمقتضى اليقين السابق، كما ذكره في المدارك.
د: البحر كالبر في جواز القصر أو وجوبه مع بلوغ المسافة أحد النصابين، وإن قطعت في ساعة، كما به صرح جماعة، منهم المنتهى قائلا إنه لا نعرف في ذلك خلافا (1).
وهو كذلك، لترتب وجوب القصر على قصد المسافة المتحقق في المورد. ولا يضر قطع المسافة في زمان قليل، لتعارفه في البحر.
د: إنما يجب القصر مع العلم ببلوغ المسافة بالاعتبار، أو الشياع، أو القرائن.
ومع الشك يتم بلا خلاف، عملا بالأصل، لا أصل عدم بلوغ المسافة، لأن القصر تابع لقصدها، والمسافة المقصودة لا يعلم مقدارها، ولا يجري فيها أصل. بل أصل وجوب الاتمام واستصحابه حتى يعلم وجوب القصر أو جوازه، واستصحاب مشروعية الاتمام لو شك في بلوغ حد مسافة الوجوب.
وفي وجوب الاعتبار حين الشك وعدمه وجهان، نظرا إلى وجوب تحصيل البراءة اليقينية الموقوف عليه، وإلى أن الواجب عليه التقصير بشرط العلم لا مطلقا، فيكون الواجب عليه مشروطا، ولا يجب تحصيل مقدمة الواجب المشروط، والحاصل: أن الذمة مشغولة قبل العلم بالتمام، وقد حصلت البراءة به.