بأولي الفضل. فالظافر أن هاهنا مستحبين لا يمكن جمعهما لما دون أهل الفضل في جميع الأوقات، وإذ لم يثبت ترجيح لأحدهما فلهم اختيار أي منهما أرادوا.
وفي الذكرى: وليكن يمين الصف لأفاضل الصف الأول، لما روي من أن: " الرحمة تنتقل من الإمام إليهم، ثم إلى يسار الصف، ثم إلى الثاني " (1).
ولا يخفى أنه لا دلالة له على تخصيص الميامن بالأفضل. ورجحان الأفضل للأفضل معارض بأن الأفضل له الفضيلة، فيرجح ازدياد فضل لمن ليس له ذلك.
نعم يدل على أفضلية ميامن الصف الأول. وهو كذلك. وتدل عليها أيضا رواية سهل: " فضل ميامن الصفوف على مياسرها كفضل الجماعة على صلاة الفرد " (2).
ويظهر من ذلك ومن قوله في ذيل الرواية: " إن أفضل أولها ما دنا من الإمام " أن أفضل الميامن ما قرب من الإمام.
ويظهر منهما أيضا تعارض الفضيلتين في أواخر الميامن وأوائل المياسر، فللأولى فضل الميمنة وللثانية فضل القرب من الإمام.
ثم إن ما ذكر من أفضلية الصف الأول إنما هو في غير صلاة الجنازة، وأما فيها فأفضل الصفوف آخرها كما نسب إلى الأصحاب جملة (3)، ودلت عليه المعتبرة المستفيضة (4)، وبها تقيد الاطلاقات المتقدمة.
ومنها: إقامة الصفوف واعتدالها وسد الفرج الواقعة فيها، لاستفاضة النصوص العامية والخاصية.
فمن الأولى: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يسوي صفوفنا كأنما يسوي القداح (5).