وعلى كون الصلاة فريضة، فلا تكفي النافلة التي تسقط في السفر.
وأن تكون الصلاة بتمام، فلا تكفي الفريضة الغير المقصورة، ولا المقصورة إذا أتممت لشرف البقاع.
ويمكن الخدش فيه بأن من صلى المغرب أو الصبح مثلا يصدق أنه صلى فريضة بتمام، وتقييدها بالمقصورة لا دليل عليه، وتبادر أن الاتمام لنية الإقامة ممنوع. نعم يتبادر أن تكون الصلاة تامة مع الاختيار والقصد، فلو تم المقصورة بغير نية الإقامة سهوا لم يكن كافيا. وبالجملة مقتضى الصحيحة كفاية الصلاة التامة الواقعة بقصد المكلف كيف ما كان، والتقييد بتامة مخصوصة لا دليل عليه.
وعلى هذا فلو ترك الصلاة حتى مضى وقتها بنية الإقامة، ثم قضاها تامة ثم رجع لا يقصر.
ثم إنه بعد إيقاع الصلاة الواحدة تامة لو رجع، كما يصلي باقي الصلوات تامة يصوم أيضا، لمفهوم قوله: " إذا قصرت أفطرت " (1) ويجبر عدم دلالته على الوجوب بالاجماع المركب.
المسألة الثالثة: في بيان قطع السفر بالتردد شهرا في موضع، بمعنى أنه لو تردد في الإقامة عشرة في موضع قصر ما بينه وبين شهر، فإذا تم الشهر أتم الصلاة ولو صلاة واحدة، بلا خلاف فيه، بل عليه الاجماع في كلمات جملة من الأصحاب (2)، بل هو إجماعي محققا، فهو الدليل عليه.
مضافا إلى المستفيضة من الصحاح وغيرها، منها: صحاح زرارة والخزاز وابن وهب ورواية أبي بصير المتقدمة (3)، وصحيحة أبي ولاد الآتية في بيان حكم المواطن الأربعة (4).