ما لم يسر من منزله ثمانية فراسخ التي هي - كما مر - حقيقة في الممتدة، وعلى وجوب الاتمام على السائر ذهابا خمسة أو ستة، الشامل لمن قصد تلك المسافة أولا، لترك الاستفصال.
وأما الثانية فلأن قوله فيها: " وإن كان دون ذلك أتم وإن كان متضمنا للاخبار المحتمل بنفسه للجواز، إلا أن الظاهر من ذكره بعد قوله " قصر " الذي هو للوجوب البتة أن المراد منه الوجوب أيضا. وحمل أحدهما على الوجوب والآخر على الجواز بعيد. وحملهما على الجواز - حيث إنه جنس للوجوب أيضا - ينفيه التفصيل القاطع للشركة.
ويدل عليه أيضا صدر رواية البجلي السابقة (1)، وهو: إن لي ضيعة قريبة من الكوفة، وهي بمنزلة القادسية من الكوفة، فربما عرضت لي الحاجة أنتفع بها، أو يضرني القعود عنها في رمضان، فأكره الخروج إليها، لأني لا أدري أصوم أم أفطر. فقال لي: " فأخرج وأتم الصلاة وصم، فإني قد رأيت القادسية ".
وأما وجه النظر في الجمع فالإباء بعض أخبار الأربعة عنه، وصراحته في غير الراجع ليومه كما يأتي.
وأما في الاستشهاد فلأن التعليل يمكن أن يكون للقصر في البريد ذاهبا خاصة، فيكون معناه أنه يقصر في البريد، لأنه إذا ذهب بريدا وجاء بريدا في يوم شغل يومه، وكلما كان كذلك يجوز القصر في ذهابه خاصة أيضا، حيث إنه لو رجع لكان شاغلا. وأما ما دل على أن القصر في مسيرة يوم ونحوها، فلا يدل إلا على أن قصد هذه المسافة أو سيرها يوجب القصر، لا أنه يجب أن يكون في يوم واحد.
حجة القول الثاني، وهو تحتم التقصير مطلقا وجهان:
أحدهما: وجوب القصر في الثمانية الملفقة، ولزوم ضم الإياب مع الذهاب كما مرت أدلته.