مسافر للرجوع قبل المسافة لو مرض أو قطع الطريق أو نحو ذلك مخلا للقصد ولو لم تظهر أماراته، فلا يقصر أحد لكون كل أحد عازما على ذلك. وبالجملة هو يعزم جزما عاديا على المسافة وهو المناط للتقصير.
وأما الاتمام في الثاني فلعدم القصد. وأصالة عدم التمكن وبقاء الاستيلاء لا تفيد، لأن الحكم منوط بالقصد وهو لا يختلف بالأصل والاستصحاب، ولذا [يتم] (١) طالب الآبق ومستقبل المسافر إذا احتمل الوصول قبل المسافة مع أن الأصل عدم الوصول.
ح: المكره في السفر كالتابع إذا لم يسلب الاكراه الاختيار. ولو سلبه كأن تشد يداه ورجلاه وحمل إلى السفر وعلم حمله إلى المسافة فقد يختلج بالبال فيه الاشكال، إذ القصد إنما يكون على العمل ولا يصدر عنه عمل حتى يكون قاصدا له، ولعدم شمول كثير من أخبار القصر لمثله، وعدم تبادره من شئ من أخباره، وإجمال نحو قوله " التقصير في بريدين " لاحتمال إرادة قصد بريدين أو سيره، ومثل ذلك لا يقصد ولا يسير، إلا أن الظاهر الاجماع على وجوب القصر عليه.
ويمكن الاستدلال له أيضا بقوله سبحانه ﴿ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر﴾ (2) فإن ذلك كائن في السفر وإن لم يكن مقصودا له، ولا معارض له، فيجب عليه التقصير أيضا.
الشرط الثالث: أن لا ينقطع سفره في أثناء الطريق بأحد القواطع، فلو انقطع أتم.
وهذا الشرط تارة يكون لأصل شرعية التقصير، والأخرى لاستمراره.
فعلى الأول يكون المراد أنه يشترط في شرعية التقصير أن ينوي مسافة لا ينقطع سفره في أثنائها قبل وصوله حد مسافة التقصير. فلو نوى مسافة منقطعة في الأثناء بأحد القواطع لا يجوز له التقصير لا في الطريق ولا في المنزل.