الأشخاص، إلا أن الغالب في هذه الحرفة أنه لا يخرج عن واحد من هؤلاء وإن أمكن فرض غيرهم أيضا نادرا إلا أنه غير شائع. ويمكن أن يكون نظر المكتفين بالأشخاص إلى ذلك أيضا، ولكن الأولى العنوان بمقتضى العلتين.
فإن قلت: لا شك أن من يكون السفر عمله أعم من هؤلاء الأشخاص من وجه، وكذلك هؤلاء أعم منه من وجه، إذ من له دواب اشتراها للبيع أو شغل آخر إذا كاراها مكررا يصدق عليه المكاري وإن لم يقصد التحرف به، وكذا يطلق البريد على من سافر مرات في الرسالة وإن لم يتخذ ذلك شغلا له، وعلى هذا فالأولى العنوان بهما معا كما فعله جماعة.
قلنا: لو سلمنا أن ذلك الاستعمال على عنوان الحقيقة نقول: إن تعليل إتمامهم بأن سفرهم لأجل أنه عملهم يخصصهم بذلك.
نعم، يشكل الأمر فيما لم يذكر فيه تلك العلة، وهو الجابي والأمير والتاجر، إلا أنه يمكن أن يقال: إن قوله: " يدور " في هؤلاء الثلاثة ليس باقيا على معناه الاستقبالي فالمراد إما أن يكون من شأنه ذلك أو قصده ذلك أو من عمله ذلك، وعلى التقادير يتوقف على التحرف به. ولو سلم فيكون محتملا للمجموع مجملا فلا يثبت الحكم في غير من كان ذلك عمله. ومنه يظهر أن جعل أحد هؤلاء قسيما ومقابلا لمن يكون السفر عمله غير جيد.
فروع:
أ: يشترط في صدق المناط المذكور وهو كون السفر شغلا وعملا له أمران:
أحدهما: اتخاذ السفر لأجل بعض تلك الحرف شغلا لنفسه، أي قصد التصنع والاستحراف والاشتغال به والبناء على ذلك، فلو لم يقرره ولم يتخذه حرفة له لا يتم ولو سافر أزيد من عشرين سفرا.
وثانيهما: التكسب به أي الشروع في العمل وتحقق السفر وصدوره عنه، فإن قاصد الكراء وغيره والموطن نفسه عليه ما لم يشتغل بالسفر لا يقال: إنه حرفته، بل يقال: إنه مريد له، وإن استعمل اللفظ في حقه يكون من باب مجاز