بعمومات القضاء في عدد الفائتة والقول بوجوب قضاء الجميع بالاجماع - ولو سلم - لا يستلزم تخصيصها في الترتيب أيضا مع عدم المرجح، بل رجحانها بما مر.
وعلى هذا فيكون الترجيح للتفصيل، بثبوت الترتيب مع الجهل أيضا إلا إذا استلزم العسر والحرج.
إلا أنه يمكن الخدش في أصل دليل وجوب الترتيب مع الجهل:
أما عن الاستصحاب، فبمعارضته مع استصحاب العقل، مع أن موضوع وجوب الترتيب أولا هو الأداء، والكلام في القضاء الذي هو بأمر جديد.
وأما عن الروايات، فبعدم دلالة غير إطلاق صدر الصحيحة، لما عرفت من أنه بين غير دال على الوجوب ومخصوص بصورة العلم.
وأما هو وإن كان مطلقا على الظاهر إلا أنه يعلم تقييده بالعلم بعد التأمل، لأن العلم في الجملة وإن كان كافيا في إمكان الامتثال ولكنه يتم في مثل التكليف بأحد الأمرين أو الأمور معينا في الواقع مجهولا في الظاهر، فيمتثل بالاتيان بالجميع، ولكنه لا يتمشى في مثل قوله: " فابدأ بأولاهن " إذ ما لا يعلم التعيين لا يمكن البدأة به، وكل ما يبتدأ به لا يعلم أنه الأولى.
والحاصل أن خصوص الأمر بالابتداء بشئ لا يمتثل إلا بعدم مسبوقية شئ عليه، وهو يتوقف على اليقين، كما إذا قيل: ابدأ بإكرام زيد ثم عمرو، فإذا لم يعلم تعيين زيد لا يعلم الابتداء بإكرامه بإكرام كل مرة ثم إكرام غيره، لأن ما بدئ به هوما بدئ به أولا، وكل ما عداه فليس مبتدأ به.
مع أن في دلالة الصحيحة على الوجوب خدشة تحصل من قوله: " فأذن وأقم " حيث إن الفاء فمه تفصيلية، وهو تفصيل لقوله " فابدأ " وبعض التفصيل ليس بواجب قطعا.
(ومن ذلك يظهر أن الحق في المسألة هو المشهور من عدم وجوب الترتيب في صورة الجهل) (1).